عن الحس ، وليس كذلك الأرض « 1 » .
فصل : قوله « يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ » الاية : 57 .
الموعظة : ما يدعو الى الصلاح ويزجر عن القبيح ، لما يتضمنه من الرغبة والرهبة ، ويدعو الى الخشوع والنسك ويصرف عن الفسوق والإثم ، ويريد بذلك القرآن وما أتى به النبي عليه السّلام من الشريعة .
والشفاء معنى كالدواء لازالة الداء ، فداء الجهل أضر من داء البدن ، وعلاجه أعسر وأطباؤه أقل والشفاء منه أجل .
فصل : قوله « قُلْ بِفَضْلِ اللَّه وبِرَحْمَتِه فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا » الاية : 58 .
فان قيل : كيف جاء الامر للمؤمنين بالفرح ؟ وقد ذم اللَّه ذلك في مواضع من القرآن ، كقوله « إِنَّ اللَّه لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ » « 2 » وقال « إِنَّه لَفَرِحٌ فَخُورٌ » « 3 » وغير ذلك .
قيل : أكثر ما جاء مقترنا بالذم من ذلك ما كان مطلقا ، فإذا قيد لم يكن ذما ، كقوله « يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ » « 4 » وفي الاية مقيد بقوله « فبذلك » فأما قوله « فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّه » « 5 » فانه مقيد ، ومع ذلك فهو مذموم ، لكنه مقيد بما يقتضي الذم ، كما جاء مقيدا بما لا يقتضي الذم ، فمطلقه يقتضي الذم ومقيده بحسب ما يقيد به ، فان قيد بما يقتضي الذم أفاد الذم ، وان قيد بما يقتضي المدح أفاد المدح .