والثاني : لما فيه من الاعتبار إذا أخبر عنه فتصورت « 1 » الحال ، كما صرف اللَّه الإنسان من حال الى حال ، لان ذلك أبعد من توهم الاتفاق فيه .
وقوله « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ » معناه : استولى عليه بإنشاء التدبير من جهته كما يستوي الملك على سرير ملكه بالاستيلاء على تدبيره ، قال الشاعر :
ثم استوى بشر على العراق بغير سيف ودم مهراق وقيل : ان العرش المذكور هاهنا هو السموات والأرض ، لأنهن من بنائه والعرش والبناء ، ومنه قوله « يعرشون » أي : يبنون . وأما العرش المعظم الذي تعبد اللَّه الملائكة بالحفوف به والإعظام له وعناه بقوله « الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ ومَنْ حَوْلَه » « 2 » فهو غير هذا .
فصل : قوله « إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ وما خَلَقَ اللَّه فِي السَّماواتِ والأَرْضِ » الاية : 6 .
الليل عبارة عن وقت غروب الشمس الى طلوع الفجر الثاني ، وهو جمع ليلة كتمرة وتمر . والنهار عبارة عن اتساع الضياء من طلوع الفجر الثاني الى غروب الشمس .
والنهار واليوم معناهما واحد ، الا أن في النهار فائدة اتساع الضياء .
فصل : قوله « يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهارُ » الاية : 9 .
معنى « تجري من تحتهم الأنهار » تجري بين أيديهم وهم يرونها من على ، كما قال تعالى « قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا » « 3 » ومعلوم أنه لم يحصل السري تحتها وهي قاعدة عليه ، لان السرى هو الجدول ، وانما أراد أنه جعل بين يديها .