« نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ » « 1 » أي : نلقيك على نجوة من الأرض . والنجو كناية عن الحدث ، لأنه كان ملقى بارتفاع من الأرض للابعاد به ، وقد كان أيضا يطلب به الانخفاض للابعاد به .
وقوله « يسومونكم » معناه : يولونكم اكراها ويحملونكم إذلالا « سوء العذاب » وأصله السوم مجاوزة الحد ، فمنه السوم في البيع ، وهو تجاوز الحد في السعر الى الزيادة .
ومنه السائمة من الإبل الراعية ، لأنها تجاوز حد الأبيات « 2 » للرعي ، ومنه فلان سيم الخسف أي ألزمه اكراها ، والسوء مأخوذ من أنه يسوء النفس لمشاهدته لمنافرته لها .
فصل : قوله « وواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّه أَرْبَعِينَ لَيْلَةً » الاية : 142 .
قيل : في فائدة قوله « وواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ » ولم يقل أربعين ليلة أقوال :
أحدها : أنه أراد شهرا وعشرة أيام متوالية . وقيل : انه ذو القعدة وعشر من ذي الحجة .
ولو قال : أربعين ليلة لم يعلم أنه كان الابتداء أول الشهر ، ولا أن الأيام كانت متوالية ، ولا ان الشهر شهر بعينه ، هذا قول الفراء ، وهو قول مجاهد وابن جريح ومسروق وابن عباس وأكثر المفسرين .
وقوله « فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّه أَرْبَعِينَ لَيْلَةً » ومعناه : فتم الميقات أربعين ليلة .
وانما قال ذلك مع أن ما تقدم دل على هذا العدد ، لأنه لو لم يورد الجملة بعد التفصيل ، وهو الذي يسميه الكتاب الفذلكة ، لظن أن قوله « وأتممناها بعشر »