أن معناه الا أن يكون خارجا على امام عادل « ولا عاد » أي : لا يعتدي بتجاوز ذلك الى ما حرمه اللَّه ، وروى أصحابنا أن المراد به قطاع الطريق ، فإنهم لا يرخصون بذلك على حال .
والضرورة التي تبيح أكل الميتة هي خوف التلف على النفس من الجوع ، وانما قال عند التحليل للمضطر « ان ربك غفور رحيم » بأن هذه الرخصة لأنه غفور رحيم ، أي : حكم بالرخصة كما حكم بالمغفرة .
وقد استدل قوم بهذه الاية على اباحة ما عدا هذه الأشياء المذكورة ، وهذا ليس بصحيح ، لان ها هنا محرمات كثيرة غيرها ، كالسباع وكل ذي ناب وكل ذي مخلب وغير ذلك من البهائم والمسوخ ، مثل الفيلة والقردة وغير ذلك ، وكذلك أشياء كثيرة اختص أصحابنا بتحريمه ، كالجري والمارماهي وغير ذلك ، فلا يمكن التعلق بذلك .
ويمكن أن يستدل بهذه الاية على تحريم الانتفاع بجلد الميتة ، فانه داخل تحت قوله « إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً » ويقويه قوله عليه السّلام « لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب » فأما دلالته على أن الشعر والصوف والريش منها والناب والعظم محرم فلا يدل عليه ، لان ما لم تحله الحياة لا يسمى ميتة على ما مضى القول فيه .
فصل : قوله « وعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ومِنَ الْبَقَرِ والْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ » الاية : 146 .
هذه الأشياء وان كان اللَّه تعالى حرمها على يهود في شرع موسى ، فقد نسخ تحريمها على لسان محمد صلَّى اللَّه عليه وآله وأباحها .
حكى ابن علية أن مالكا كان يقول : ان ما يذبحه اليهود لا يجوز أكل شحمه وان جاز أكل لحمه ، لان الشحوم كانت حراما عليهم ، وعندنا أن ما يذبحه اليهود لا يجوز استباحة شيء منه ، وهو بمنزلة الميتة ، غير أن الذي ذكره غير صحيح