قبل ذلك ، لان تعجبه منها تعجب من لم يكن رآها ، فكيف يجوز أن يكون الى مدة كمال عقله لم يشاهد السماء وما فيها من النجوم .
قلنا : لا يمتنع أن يكون ما رأى السماء الا في ذلك الوقت ، لأنه روي أن أمه ولدته في مغارة لا يرى السماء ، فلما قارب البلوغ وبلغ حد التكليف خرج من المغارة ورأى السماء وفكر فيها ، وقد يجوز أيضا أنه رآها غير أنه لم يفكر فيها ولا نظر في دلائلها ، لان الفكر لم يكن واجبا عليه ، فلما كمل عقله وحركته الخواطر فكر في الشيء كأنه يراه قبل ذلك ولم يكن مفكرا فيه .
والثالث : أن ابراهيم لم يقل ما تضمنته الآيات على وجه الشك ولا في زمان مهلة النظر ، بل كان في تلك الحال عالما باللَّه وبما يجوز عليه ، وأنه لا يجوز أن يكون بصفة الكواكب ، وانما قال ذلك على سبيل الإنكار على قومه والتنبيه لهم على أن ما يغيب وينتقل من حال الى حال لا يجوز أن يكون إلها معبودا ، لثبوت دلالة الحدث فيه ، ويكون قوله « هذا ربى » محمولا على أحد وجهين :
أحدهما : أى هو كذلك عندكم وعلى مذهبكم ، كما يقول أحدنا للمشبه على وجه الإنكار عليه : هذا ربه « 1 » جسم يتحرك ويسكن ، وان كان عالما بفساد ذلك .
والثاني : أن يكون قال ذلك مستفهما وأسقط حرف الاستفهام للاستغناء عنه ، كما قال الأخطل .
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا « 2 » وقال آخر :
لعمرك ما أدري وان كنت داريا بسبع رمين الجمر أم بثمانيا وقال ابن أبي ربيعة :