وهو يريد الشام تاجرا ، فخرج هو وتميم الداري وأخوه عدي حتى إذا كانوا ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية ، فكتب وصية بيده ودسها في متاعه وأوصى اليهما ، ودفع المال اليهما وقال : أبلغا هذا أهلي ، فلما مات فتحا المتاع وأخذا ما أعجبهما منه .
ثم رجعا بالمال الى الورثة ، فلما فتش القوم المال فقدوا بعض ما كان خرج به صاحبهم ، ونظروا الى الوصية فوجدوا المال فيها تاما ، فكلموا تميما وصاحبه فقالا : لا علم لنا به وما دفعه إلينا أبلغناه كما هو ، فرفع أمرهم الى النبي عليه السّلام ، فنزلت هذه الاية .
قوله « أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » تقديره : أو شهادة آخرين من غيركم ، وحذف المضاف وأقام المضاف اليه مقامه ، و « من غيركم » صفة للآخرين .
وقيل : في معنى « من غيركم » قولان :
أحدهما : قال ابن عباس وأبو موسى الاشعري وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وشريح وابراهيم وابن سيرين ومجاهد وابن زيد ، واختاره أبو علي الجبائي ، وهو قول أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السّلام : انهما من غير أهل ملتكم .
الثاني : قال عكرمة وعبيدة بخلاف عنه وابن شهاب والحسن : يعني من غير عشيرتكم . قال الحسن : لان عشيرة الموصي أعلم بأحواله من غيرهم ، وهو اختيار الزجاج ، قال : لأنه لا يجوز قبول شهادة الكفار مع كفرهم وفسقهم وكذبهم على اللَّه .
ومعنى « أو » هاهنا للتفصيل لا للتخيير ، لان المعنى : أو آخران من غيركم ان لم تجدوا منكم ، وهو قول أبي عبيدة وشريح ويحيى بن معمر وابن عباس وابراهيم والسدي ، وهو قول أبي جعفر وأبي عبد اللَّه عليهما السّلام . وقال قوم : هو بمعنى التخيير في من ائتمنه الموصي من مؤمن أو كافر .