والذين عبدوا الطاغوت .
وقال أبو علي الفارسي : ولو قرأ قارئ وعبد الطاغوت كان صوابا ، يريد عبدة الطاغوت وتحذف الهاء للاضافة .
انما قال « بشر من ذلك » وان لم يكن من المؤمن شر ، وكذلك قوله « أولئك شر مكانا » على الانصاف في الخطاب والمظاهرة في الحجاج ، لان الكافرين يعتقدون أن هؤلاء أشرار وأن ما فيهم شر ، فخرج على ما يعتقدونه .
وقوله « مثوبة » معناها الثواب الذي هو الجزاء وظن بعضهم أن قوله « وجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ والْخَنازِيرَ وعَبَدَ الطَّاغُوتَ » يفيد أنه جعلهم يعبدون الطاغوت يتعالى اللَّه عن ذلك ، لأنه لو كان جعلهم كذلك لما كان عليهم لوم ، وانما المعنى ما قلناه من أنه أخبر عمن هو شر ممن عابوه ، وهم الذين لعنهم وغضب عليهم ومن جعل منهم القردة والخنازير ومن عبد الطاغوت ، لأنه تعالى هو الخالق لهم ، وان كان لم يخلق عبادتهم للطاغوت .
فصل : قوله « وإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِه » الاية : 61 .
قيل : فيه قولان ، أحدهما : قال الحسن وابن عباس والسدي وقتادة وأبو علي دخلوا به يعني بالكفر ، بخلاف ما أظهروه على النبي عليه السّلام وخرجوا به من عنده .
الثاني : وقد دخلوا به في أحوالهم وخرجوا به الى أحوال أخر .
فصل : قوله « وتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الإِثْمِ والْعُدْوانِ وأَكْلِهِمُ السُّحْتَ » الاية : 62 .
قال السدي : الإثم الكفر ، وقال غيره : وهو يقع على كل معصية . وهو الاولى . والفرق بين الإثم والعدوان ، أن الإثم الجرم كائنا ما كان والعدوان الظلم فهم يسارعون في ظلم الناس وفي الجرم الذي يعود عليهم بالوبال والخسران .