فان قيل : أليس قد روي أنها نزلت في عبادة بن الصامت أو عبد اللَّه بن سلام وأصحابه ؟ فما أنكرتم أن يكون المراد ب « الذين آمنوا » هم دون من ذهبتم اليه .
قلنا : أول ما نقوله انا إذا دللنا على أن هذه الاية نزلت في أمير المؤمنين عليه السّلام بنقل الطائفتين ، وبما اعتبرناه من اعتبار الصفة المذكورة في الاية وأنها ليست حاصلة في غيره ، بطل ما روي في خلاف ذلك ، على أن الذي روي في الخبر من نزولها في عبادة بن الصامت لا ينافي ما قلناه ، لان عبادة لما تبرأ من حلف اليهود بخلاف ما عمل ابن أبي سلول من تمسكه بحلفهم أنزل اللَّه تعالى الاية وعوضه من حلف اليهود ولاية من تضمنته الاية .
فأما ما روي من خبر عبد اللَّه بن سلام ، فبخلاف ما ذهبوا اليه ، لأنه روي أن عبد اللَّه بن سلام لما أسلم قطعت اليهود حلفه وتبرؤا منه ، فاشتد ذلك عليه وعلى أصحابه ، فأنزل اللَّه تعالى الاية تسلية لعبد اللَّه وأصحابه ، وأنه قد عوضهم من مخالفة اليهود ولاية اللَّه وولاية رسوله وولاية الذين آمنوا .
والذي يكشف عما قلناه أنه قد روي أنها لما نزلت خرج النبي عليه السّلام من البيت فقال لبعض أصحابه : هل أعطى أحد سائلا شيئا ؟ فقالوا : نعم يا رسول اللَّه قد أعطى علي بن أبي طالب السائل خاتمه وهو راكع ، فقال النبي عليه السّلام : اللَّه أكبر قد أنزل اللَّه فيه قرآنا ، ثم تلا الاية الى آخرها ، وفي ذلك بطلان ما قالوه .
وقد استوفينا ما يتعلق بالشبهات المذكورة في الاية في كتاب الاستيفاء ، وحللناها بغاية ما يمكن ، فمن أراده وقف عليه من هناك .
وأما الولي بمعنى الناصر ، فلسنا ندفعه في اللغة ، لكن لا يجوز أن يكون مرادا في الاية ، لما بيناه من نفي الاختصاص .
واقامة الصلاة إتمامها بجميع فروضها من قولهم فلان قائم بعمله الذي وليه أي : يوفي العمل جميع حقوقه ، ومنه قوام الامر . وفي الاية دلالة على أن العمل