له في حال الركوب ، ولم يفهم منه أن من شأنه الركوب وإذا قال : رأيته وهو جالس ، أو جاءني وهو ماش ، لم يفهم من ذلك كله الا موافقة رؤيته في حال الجلوس ، أو مجيئه ماشيا . وإذا ثبت ذلك وجب أن يكون حكم الاية مثل ذلك .
فان قيل : ما أنكرتم أن يكون الركوع المذكور في الاية المراد به الخضوع ، كأنه قال : يؤتون الزكاة خاضعين متواضعين ، كما قال الشاعر :
لا تهين الكريم علك أن تركع يوما والدهر قد رفعه « 1 » والمراد علك أن تخضع .
قلنا : الركوع هو التطأطؤ المخصوص ، وانما يقال للخضوع ركوع تشبيها ومجازا ، لان فيه ضربا من الانخفاض ، يدل على ما قلناه نص أهل اللغة عليه . قال صاحب العين : كل شيء ينكب لوجهه فتمس ركبتيه الأرض أو لا تمس بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع ، قال لبيد :
أخبر أخبار القرون التي مضت أدب كأني كلما قمت راكع « 2 » وقال ابن دريد : الراكع الذي يكبوا على وجهه ، ومنه الركوع في الصلاة قال الشاعر :
وأفلت حاجب فوق العوالي على شقاء تركع في الظراب أي : تكبوا على وجهها . وإذا كانت الحقيقة ما قلناه لم يجز حمل الاية على المجاز .
فان قيل : قوله « الذين آمنوا » لفظ جمع كيف تحملونه على الواحد ؟
قيل : قد يعبر عن الواحد بلفظ الجمع إذا كان معظما عالي الذكر ، قال اللَّه