وقوله « ولحم الخنزير » معناه : وحرم عليكم لحم الخنزير أهلية وبرية ، فالميتة والدم مخرجهما في الظاهر مخرج العموم والمراد بهما الخصوص ، ولحم الخنزير على ظاهره في العموم . وكذلك كلما كان من الخنزير حرام ، كلحمه من الشحم والجلد وغير ذلك .
وقوله « وما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّه بِه » موضع « * ( ما ) * » رفع ، وتقديره : وحرم عليكم ما أهل لغير اللَّه به .
ومعنى « أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّه » ما ذبح للأصنام والأوثان ، أى : ذكر اسم غير اللَّه عليه ، لان الإهلال رفع الصوت بالشيء ، ومنه استهلال الصبي ، وهو صياحه إذا سقط من بطن أمه ، ومنه إهلال المحرم بالحج أو العمرة إذا لبى به ، قال ابن أحمر :
يهل بالفرقد ركباننا كما يهل الراكب المعتمر فما يقرب به من الذبح لغير اللَّه ، أو ذكر عليه غير اسمه حرام ، وكل ما حرم أكله مما عددناه يحرم بيعه وملكه والتصرف فيه .
والخنزير يقع على الذكر والأنثى .
وفي الاية دلالة على أن ذبائح من خالف الإسلام لا يجوز أكلها ، لأنهم يذكرون عليها اسم غير اللَّه ، لأنهم يعنون بذلك من أبد شرع موسى ، أو اتخذ عيسى ابنا ، وكذب محمد بن عبد اللَّه عليه السّلام ، وذلك غير اللَّه ، فيجب أن لا يجوز أكل ذبيحته فأما من أظهر الإسلام ودان بالتجسيم والصورة وقال بالجبر والتشبيه أو خالف الحق فعندنا لا يجوز أكل ذبيحته . فأما الصلاة عليه ودفنه في مقابر المسلمين وموارثته ، فانه يجري عليه ، لأن هذه الأحكام تابعة في الشرع لإظهار الشهادتين . وأما مناكحته ، فلا يجوز عندنا .
وقال البلخي حاكيا عن قوم : انه لا يجوز اجراء شيء من ذلك عليهم . وحكى عن آخرين أنه يجري جميع ذلك عليهم ، لأنها تجرى على من أظهر الشهادتين