قوله « * ( لا يَجْرِمَنَّكُمْ ) * » قال ابن عباس : لا يحملنكم شنئان قوم ، وهو قول قتادة واختلف أهل اللغة في تأويلها ، فقال الأخفش وجماعة من البصريين لا يحقن لكم مثل قوله « لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ » ومعناه : حق أن لهم النار .
وقال الكسائي والزجاج : معناه لا يحملنكم ، قال يقال جرمني فلان على أن صنعت كذا ، أي : حملني عليه . وقال الفراء : لا يكسبنكم .
الميتة أصلها الميتة مشدد غير أنه خفف ، والميتة كل ما فارقته الحياة من ذوات البر وطيره بغير تذكية ، وقد روي أن النبي عليه السّلام أنه سمى الجراد والسمك ميتا فقال : ميتتان مباحان الجراد والسمك .
يقال : ميت وميت بمعنى واحد . وقال بعضهم : الميت لما لم يمت ، والميت لما قد مات . وهذا ليس بشيء ، لان ميت يصلح لما قد مات ولما سيموت ، قال اللَّه تعالى « إِنَّكَ مَيِّتٌ وإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ » « 1 » ، وقال الشاعر في الجمع بين اللغتين :
ليس من مات فاستراح بميت انما الميت ميت الأحياء فجعل الميت مخففا من الميت وقال بعضهم : الميتة كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره مما أباح اللَّه أكلها أهلها ووحشها فارقتها روحها بغير تذكية .
وقوله « والدم » تقديره : وحرم عليكم الدم . وقيل : انهم كانوا يجعلون في المباعر ويشوونها ويأكلونها ، فأعلم اللَّه تعالى أن الدم المسفوح - أي : المصبوب - حرام فأما المتلطخ باللحم فهو كاللحم ، وما كان منه كاللحم مثل الكبد فهو مباح .
واما الطحال فهو محرم عندنا ، وقد روي كراهيته عن علي عليه السّلام وابن مسعود وأصحابهما ، وعند جميع الفقهاء أنه مباح . وانما شرطنا في الدم المحرم ما كان مسفوحا ، لأنه تعالى بين ذلك في آية أخرى ، فقال « أو دما مسفوحا » « 2 » .