« لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ » « 1 » .
والمتشابه : ما لا يعلم المراد به بظاهره حتى يقترن به ما يدل على المراد لالتباسه نحو قوله « وأَضَلَّه اللَّه عَلى عِلْمٍ » « 2 » فانه يفارق قوله « وأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ » « 3 » لان إضلال السامري قبيح ، وإضلال اللَّه بمعنى حكمه بأن العبد ضال ليس بقبيح ، بل هو حسن .
فان قيل : لم أنزل في القرآن المتشابه ؟ وهلا أنزله كله محكما ؟
قلنا : للحث على النظر الذي يوجب العلم دون الاتكال على الخبر من غير نظر وذلك أنه لو لم يعلم بالنظر أن جميع ما يأتي به الرسول حق ، يجوز أن يكون الخبر كذبا وبطلت دلالة السمع وفائدته ، فلحاجة العباد الى ذلك من الوجوه التي يتناوله « 4 » أنزله اللَّه متشابها .
ولولا ذلك لما بان منزلة العلماء وفضلهم على غيرهم ، لأنه لو كان كله محكما لكان من يتكلم باللغة العربية عالما به ، ولا كان يشتبه معرفة المراد على أحد فيتساوي الناس في علم ذلك ، على أن المصلحة معتبرة في انزال القرآن ، فما أنزله متشابها لان المصلحة اقتضت ذلك وما أنزله محكما فلمثل ذلك .
والمتشابه في القرآن يقع فيما اختلف الناس فيه من أمور الدين ، من ذلك قوله تعالى « ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ » « 5 » فاحتمل في اللغة أن يكون كاستواء الجالس على السرير ، واحتمل أن يكون بمعنى الاستيلاء ، نحو قول الشاعر :