نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 245
الجهتين كما تقول جئته من الليل تريد بعض الليل وقد يقال كلمة من الداخلة على دون جميع مواضعها بمعنى في كما في سائر الظروف غير المتصرفة أي التي تكون منصوبة على الظرفية أبدا ولا تنجز إلا بمن خاصة وعلى الوجه الأول هو مستعمل بمعنى التجاوز على أنه ظرف مستقر وقع حالا والعامل فيها كما صرحت به عبارته ما دل عليه شهداءكم أي الذين اتخذتموهم آلهة متجاوزين الله في اتخاذها كذلك وزعمتم أنهم شهداؤكم يوم القيامة وكلمة من حينئذ للابتداء فإن الاتخاذ ابتداء من التجاوز وما توهم من أن المعنى ادعوا أصنامكم الذين تزعمون أنهم يشهدون يوم القيامة لا الله فلا يخفى فساده وفى الوجه الثالث منها أريد بالشهداء مداره القوم ورؤساء البلاغة أي ادعوهم ليشهدوا لكم أن ما أتيتم به مثل القرآن وإنما قدر المضاف إلى الله تعالى على هذا الوجه رعاية للمقابلة فإن أولياء الله يقابلون أولياء الأصنام كما أن ذكر الله يقابل ذكر الأصنام والمقصود بهذا الأمر إرخاء العنان والاستدراج إلى غاية التبكيت أي تركنا إلزامكم بشهداء لا ميل لهم إلى أحد الجانبين كما هو العادة واكتفينا بشهدائكم المعروفين بالذب عنكم في مهماتكم فإنهم أيضا لا يشهدون لكم وفيه أن الأمر في الأعجاز قد بلغ من الظهور مالا يمكن معه الإخفاء ، والظرف مستقر : أي الذين يشهدون لكم متجاوزين في ذلك أولياء الله ومن ابتدائية ومحصله شهداء مغايرين أولياءه ( قوله وتعليقه بالدعاء في هذا الوجه ) أي إذا حمل الشهداء على المداره وقدر ذلك المضاف جاز أن يكون من دون الله متعلقا بادعوا ، وهذا هو الوجه الأول من الثلاثة الأخيرة . والمعنى ادعوا أولياءكم متجاوزين في الدعاء أولياء الله فإنهم لا يشهدون لكم ، وإن شهدوا عليكم لربما خالجت صدوركم ريبة ، فالظرف مستقر ومن للابتداء والأمر للإرجاء ، وإنما لم يجوز تعلقه بالدعاء في الوجهين الأولين لفساد المعنى فإن الأمر بدعاء الأصنام لا يكون إلا تهكما ، ولو قيل ادعوا الأصنام ولا تدعوا الله تعالى ولا تستظهروا به فإنه القادر عليه ، لانقلب الأمر من التهكم إلى الامتحان ليبين العجز ، فإن إخراج الله عن الدعاء لا مدخل له في التهكم أصلا . وكذا لا معنى لأن يقال : أدعوها بين يدي الله : أي في القيامة للاستظهار بها في المعارضة التي هي في الدنيا ، ولم يجوز أيضا كون الشهيد بمعنى الحاضر إذا كان الجار والمجرور متعلقا بالشهداء . أما على الثاني فإذ لا معنى لقولك ادعوا من يحضركم بين يدي الله . وأما على الأول والثالث فلأنه تعالى والمؤمنين حاضرون فلا يصح إخراجهم عن حكم الحضور ( قوله وإن علقته بالدعاء ) هذا هو الوجه الثاني من الثلاثة الأخيرة ( أي ادعوا شهداءكم ) من الناس فصححوا بهم دعواكم متجاوزين الله تعالى في الدعاء : أي لاتدعوه ولا تستشهدوا به : أي
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 245