نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 204
أو بفتحها موضعا ، ولا فرق بين البنا والبنا ضما وكسرا كمفرديهما على وزن غرفة وحرفة ، وقد يفرق بأن المضموم مستعمل في المكارم والمعانى والمكسور في الأبنية ( بنيت ) : أي تلك المشاعر ( عليها ) أي تلك البنا وقد عد آلة النطق من الحواس والمشاعر تغليبا ( أذنوا ) أصغوا إليه واستمعوا ، و ( أصم ) أفعل صفة ضمن معنى الذهول والإعراض فعدى بعن ( سميع ) أي لما سره وأسمع أفعل تفضيل ، و ( أصممت عمرا وأعميته ) أي وجدته أصم وأعمى ( قوله كيف طريقته ) يريد أن قولك جعلوا كأنما إيفت مشاعرهم يدل على ابتناء هذا الكلام على التشبيه الذي له أساليب في علم البيان ، فبين لنا أنه على أي أسلوب منها ، فذكر أنه من أسلوب حمل المشبه به على المشبه مع حذف الأدلة ووجه الشبه . ولما لم يتبين بعد أن ما في الآية تشبيه أو استعارة أورد جريان الاستعارة في الأسماء والصفات والأفعال فعلم منه أن التشبيه الذي هو مبنى الاستعارة جار فيها ، ألا ترى أن كل ما تجرى فيه الاستعارة يجرى فيه التشبيه كليا ولا ينعكس كليا ، وإنما لم يذكر الحروف وإن جرى فيها الاستعارة تبعا كما في الصفات والأفعال ، لأن هذه الطريقة وهى أن يكون المشبه به مذكورا بلفظ الحروف محمولا على المشبه لا يتصور فيها ( قوله دجا الإسلام ) أي قوى وكثف كجسم له ظل ( قوله وأضاء الحق ) أي ظهر ظهورا تاما كالشمس ( قوله على تسميته تشبيها بليغا ) حيث حمل المشبه به على المشبه كأنه هو بعينه ( لأن المستعار له مذكور وهم المنافقون ) إذ تقدير الآية هم صم فالمستعار له مذكور بلفظه تقديرا مع لفظ المستعار منه ، فيكون لفظ المستعار منه مستعملا في معناه الحقيقي ، كما أن لفظ المستعار له كذلك فلا استعارة هناك حقيقة ، بل ( الاستعارة إنما تطلق حيث يطوى ذكر المستعار له ) فلا يكون لفظه في نظم الكلام المشتمل على لفظ المستعار منه مذكورا ولا مقدرا ، بل يكون معناه مرادا بلفظ المستعار منه فقد أستعير حينئذ لفظ المشبه به للمشبه ، وما قررنا شامل للاستعارة المصرحة نحو رأيت أسدا يرمى ، والمكنية في نحو أظفار المنية على رأى المصنف ، لأن المستعار ههنا عنده هو السبع الذي سكت عنه ، ودل عليه بذكر بعض روادفه فلا يكون لفظ المستعار له مذكورا أصلا في الكلام المشتمل على ذكر المستعار بل مطويا معه كما إذا قلت أظفار السبع وأردت به المنية ، وسنكشف لك مباحث الاستعارة بالكناية وما يتعلق بها في قوله تعالى - ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه - ( قوله ويجعل الكلام خلوا ) أي خاليا ( عنه ) أي عن ذكر المستعار له ( صالحا لأن يراد به ) أي
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 204