نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 203
ما ذكر ، وإن قصد تشبيه كل واحد من تلك المعاني المتعددة بما يناظره كان تشبيها مفرقا ، ولا يحتاج وجهه إلى بيان ، وفى قوله ( ظلمة النفاق الخ ) تنبيه على توجيه الجمع في ظلمات نظرا إلى حال المنافق ، وقد مر توجيهه نظرا إلى حال المستوقد . فإن قيل : ظلمة النفاق مجامعة للاستضاءة بنور هذه الكلمة لا متعقبة . قلنا : نعم إلا أنها تمحضت بعد الانتفاع ، فلذلك حكم بتعقبها منضمة إلى ظلمتين أخريين ( قوله ويجوز أن يشبه ) هذا وجه ثان ، في بيان وجه الشبه ولا يخالف الأول تركيبا وتفريقا إلا فيما هو بإزاء ذهاب الله بنور المستوقد فالتورط حينئذ هو الوقوع في حيرة الفضوح والخيبة ، وهو أعني قوله ويجوز عطف على ما تقدم بحسب المعنى كأنه قيل : شبه بذهاب الله بنورهم إماتته إياهم ظالمي أنفسهم ، ويجوز أن يشبه وفيه نوع تصريح بالتفريق ( قوله والأوجه ) هذا وجه ثالث ، ويجرى في هذا التفريق والتركيب كالأولين إلا أن المشبه بالإذهاب ههنا هو أن الله تعالى خذلهم في نفاقهم فطبع على قلوبهم فوقعوا في حيرة الغشاوة والبعد عن نور الإيمان . وإنما جعله أوجه لأن ما ذكره بعده من خواص أهل الطبع . ومحصول الوجه الأول أنهم انتفعوا بهذه الكلمة مدة حياتهم القليلة ، ثم قطعه الله تعالى بالموت فوقعوا في تلك الظلمات ، ومحصول الثاني أنهم استضاءوا بها مدة ، ثم اطلع الله على أسرارهم فوقعوا في ظلمات انكشاف الأسرار والافتضاح والاتسام بسمة النفاق . ومحصول الثالث أنهم انتفعوا بها فخذلهم الله تعالى حتى صاروا مطبوعين واقعين في ظلمات متراكمة بعضها فوق بعض . وهذه الأوجه كلها تدل على تقدير كون التمثيل متعلقا بجميع ما علم من أحوال المنافقين في الآية السابقة ، وتفصيل لقوله في أنهم غب الإضاءة الخ . ثم إنه أشار إلى وجه رابع على تقدير تعلقه بقوله " اشتروا الضلالة بالهدى " فقال : وفى الآية تفسير اخر ، وبينه على التفريق بيانا واضحا ، وسيأتيك في التمثيل الثاني باعتبار التركيب فيه ، وقد جعل في هذا التفسير قوله ذهب الله جواب لما حيث عده من أحوال المستوقد ، وكذا في قوله ويجوز أن يشبه بذهاب الله بنور المستوقد ، وقوله ( والأوجه أن يراد الطبع ) إذ مال معناه أن يشبه الطبع بذلك الذهاب ، وكذا الحال في الوجه الأول لأن السؤال عن وجه الشبه إنما يتوجه على تقدير كون ذهب جواب لما إذ على تقدير كونه استئنافا أو بدلا يكون هو بيانا لوجه الشبه ( قوله وتنكير النار للتعظيم ) أي في هذا التفسير تعظيما للهدى المشبه بها أو مطلقا لما سيأتي من قوله كما نكرت النار في التمثيل الأول ( قوله كانت حواسهم ) هذا شروع في تفسير قوله صم بكم عمى ، وهو من أحوال المنافقين سواء جعل ذهب الله جوابا للما أولا ، ومعنى ( إيفت ) أصيبت بآفة ، يقال : أيف الشئ فهو مؤف ( والمشاعر ) جمع مشعر إما بكسر الميم الة
نام کتاب : الحاشية على الكشاف نویسنده : الشريف الجرجاني جلد : 1 صفحه : 203