المعنى :
( والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً ) .
اتفق الفقهاء كافة على ان عدة المتوفى عنها زوجها ، وهي غير حامل ، أربعة أشهر وعشرة أيام ، كبيرة كانت أو صغيرة ، آيسة أو غير آيسة ، دخل بها الزوج أو لم يدخل ، واستدلوا على ذلك بهذه الآية .
أما إذا كانت حاملا فقالت المذاهب الأربعة السنية : ان عدتها تنقضي بوضع الحمل ، ولو بعد وفاة الزوج بلحظة ، بحيث يحل لها أن تتزوج ، ولو قبل الدفن ، لقوله تعالى : « وأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ » .
وقال فقهاء الإمامية : ان عدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل ، والأربعة أشهر وعشرة أيام ، فان مضت الأربعة والعشرة قبل الوضع اعتدت بالوضع ، وان وضعت قبل مضي الأربعة والعشرة اعتدت بالأربعة والعشرة ، واستدلوا على ذلك بضرورة الجمع بين آية « يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً » . وآية « أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ » . فالآية الأولى جعلت العدة أربعة وعشرة ، وهي تشمل الحامل وغير الحامل ، والآية الثانية جعلت عدة الحامل وضع الحمل ، وهي تشمل المطلقة ، ومن توفي عنها الزوج ، فيحصل التنافي بين ظاهر الآيتين في المرأة الحامل التي تضع قبل أربعة أشهر وعشرة أيام ، فبموجب الآية الثانية تنتهي العدة ، لأنها وضعت الحمل ، وبموجب الآية الأولى لا تنتهي ، لأن الأربعة والعشرة لم تنته .
وأيضا يحصل التنافي إذا مضت الأربعة والعشرة ، ولم تضع الحمل ، فبموجب الآية الأولى تنتهي العدة ، لأن مدة الأربعة والعشرة مضت ، وبموجب الآية الثانية لم تنته ، لأنها لم تضع الحمل ، وكلام القرآن واحد يجب أن يلائم بعضه بعضا ، وإذا عطفنا إحدى الآيتين على الأخرى ، وجمعناهما في كلام واحد هكذا « والَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ويَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْراً » « وأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ » ، إذا جمعنا الآيتين في كلام واحد يكون المعنى ان عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام لغير الحامل ، وللحامل التي