الكافرين والمكذبين للأنبياء ورسالتهم ، ولا سبب لهذا التكذيب الا البغي والخوف على منافعهم ومصالحهم الشخصية ، ومكاسبهم العدوانية .
( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ) . أي ان اللَّه سبحانه وفق أرباب النوايا الصالحة إلى الايمان بالحق الذي جاء به الأنبياء ، وهذا الايمان كان بأمره تعالى . . فالمراد بالإذن الأمر .
( واللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) . في تفسير الآية 26 من هذه السورة « فقرة الهدى والضلال » ذكرنا معاني الهداية ، ومنها أن يتقبل الإنسان النصيحة ويعمل بها ، وهذا المعنى هو المراد بها هنا ، وان اللَّه سبحانه يوفق الطيبين إلى تقبل النصح والعمل بالحق والخير .
الاختلاف بين الناس :
وجد الاختلاف بين الناس منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل ، واستمر حتى اليوم ، وسيبقى إلى آخر يوم . . ولا يختص الاختلاف بأهل الأديان ، كما يحلو للمستهترين ان ينتقدوا ، أو يتحذلقوا . . فان اختلاف غيرهم قد بلغ النهاية ، وتجاوز الكلام إلى الحروب الطاحنة ، فالتناقضات بين الدول الرأسمالية أدت إلى حرب نووية ، فقنبلة هيروشيما ألقتها على النساء والأطفال دولة رأسمالية ضد دولة مثلها . . وانقسام الجبهة الاشتراكية لم يخف على أحد ، كما مهد السبيل للسياسة العدوانية على الشعوب المستضعفة ، وشتات كل من الدول الإفريقية والاسيوية ضمن النجاح لكل من أراد استغلالها والسيطرة على مقدراتها ، أما اختلاف الدول العربية فكان من نتائجه وجود إسرائيل في قلب بلادهم ، وبالتالي نكسة 5 حزيران 1967 .
ومهما يكن ، فان للاختلاف أسبابا كثيرة ، منها التباين في الثقافة والتربية ، ومنها التغاير في الاستعداد والموهبة ، ومنها الاختلاف في الطبع والمزاج ، ومنها التصادم بين المصالح والمنفعة الخاصة . والاختلاف الناشئ من تباين الثقافة ، أو الموهبة ، أو المزاج يمكن علاجه بالاحتكام إلى مبادئ أثبتها العلم والتجربة ، أما الاختلاف الناشئ من تصادم المنافع الشخصية فلا علاج له إلا ردع المعتدي بالقوة ، وكلامنا