( وأَتِمُّوا الْحَجَّ والْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) . معنى الحج في اللغة القصد ، وفي الشرع عبادة خاصة في مكان مخصوص في زمن معين ، والعمرة في اللغة مطلق الزيارة ، وفي الشرع زيارة بيت اللَّه الحرام على نحو خاص .
والحج واجب كتابا وسنة واجماعا ، بل ثبت وجوبه بالبديهة الدينية ، ومن أنكره فليس بمسلم ، تماما كمن أنكر وجوب الصوم والصلاة ، أما العمرة فقد أوجبها الإمامية والشافعية ، وقال باستحبابها الحنفية والمالكية . . وقوله تعالى :
للَّه أي حجوا واعتمروا لوجه اللَّه وحده ، لا لمقاصد دنيوية ، فقد كانت العرب تقصد الحج للاجتماع والتفاخر والتنافر ، وقضاء الحوائج ، وحضور الأسواق ، فأمر اللَّه بالقصد إليه للعبادة الخالصة من كل شائبة .
( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) . الإحصار هو الحبس والمنع ، والهدي ما يضحي به الحاج أيام حجه ، والمعنى إذا أحرمتم للحج أو العمرة ، ثم منعكم مانع من إكمال العبادة على وجهها الشرعي من مرض أو عدو ، وما إليه من العوائق - إذا كان الأمر كذلك فعليكم أن تذبحوا ما تيسر ، وأقله شاة ، وأوسطه بقرة ، وأعلاه ناقة .
( ولا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) . الخطاب للمحصورين الذين منعوا من إتمام الحج أو العمرة ، وعليهم أن لا يحلوا من إحرامهم ، حتى يعلموا ان الهدي الذي بعثوه قد بلغ المكان الذي يجب فيه الذبح ، ومكان الذبح منى ان كان الإحرام للحج ، ومكة ان كان للعمرة . . هذا ، إذا كان المرض هو المانع ، أما إذا كان المانع العدو فان محل الذبح هو المكان الذي حصل فيه المنع ، لأن النبي ( ص ) ذبح هديه في الحديبية حين صده المشركون عن زيارة بيت اللَّه الحرام .
( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . أي ان المحرم إذا حلق رأسه لضرورة فعليه كفارة مخيرا بين صيام ثلاثة أيام ، أو اطعام ستة مساكين ، أو التضحية ، وأقلها شاة .
( فَإِذا أَمِنْتُمْ ) . أي لم يمنعكم مانع من إكمال الحج . ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) . أي ان من أتى بالعمرة ، ثم حج بعدها في نفس السنة فعليه الهدي ، وهذا النوع من الحج هو المعروف بحج التمتع الذي