أهل القبلة :
أهل القبلة ، وأهل القرآن ، وأهل الشهادتين ، والمسلمون ألفاظ تترادف على معنى واحد ، أما اسم المحمديين فقد اخترعه لنا ، وأطلقه علينا أعداء الإسلام ، يقصدون بذلك اننا أتباع شخص ، لا أهل دين سماوي ، تماما كالبوذيين أتباع بوذا ، والزرادشتيين أتباع زرادشت .
ومهما يكن ، فان الغرض من هذه الفقرة التنبيه على ان الأمة الاسلامية على اختلاف بلادها ، وألوانها ، وألسنتها تجمعها وتوحد بينها أصول واحدة هي أعز وأغلى من حياتها ، لأن المسلمين جميعا يستهينون بالحياة من أجل تلك الأصول ، ولا يستهينون بها من أجل الحياة ، ومن تلك الأصول الايمان باللَّه وكتابه ، وبمحمد ( ص ) وسنته ، والصلاة إلى القبلة . . فمن كفّر من يصلي إلى القبلة ، وأخرجه من عداد المسلمين فقد أضعف قوة الإسلام ، وشتت كلمة المسلمين ، وأعان أعداء الدين على الدين ، من حيث يريد ، أو لا يريد .
( وإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ) . المراد بأهل الكتاب اليهود والنصارى ، لا خصوص اليهود - كما قيل - لأن اللفظ عام ، ولا دليل على التخصيص . . واختلف المفسرون في ضمير ( انه ) هل يعود إلى الرسول ، أو إلى المسجد الحرام ، وسبب الاختلاف انه قد تقدم ذكر الرسول في قوله تعالى : « قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ » . وأيضا تقدم ذكر المسجد الحرام ، ونميل نحن إلى إعادته إلى المسجد ، لأنه أقرب لفظا إلى الضمير ، والضمير يعود إلى الأقرب ، وعليه يكون المعنى ان أهل الكتاب يعلمون حق العلم بأن إبراهيم ( ع ) أبا الأنبياء وكبيرهم هو الذي رفع قواعد البيت ، ولكنهم رفضوه لا لشيء الا لأنه في يد العرب ، وهم سدنته وحماته ، ولو لم يكن في يد العرب لكان اليهود والنصارى أسبق الناس إليه ، وأكثرهم تقديسا له .
( ولَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ) . فضلا عن اتباع ملتك ، فأعرض عنهم ، حيث لا تجدي معهم حجة ولا منطق بعد ان أعماهم الجهل والتعصب .
( وما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ) . ربما طمع بعض أهل الكتاب ان يعود النبي ( ص )