التحنّق ولا يقوى ، فقد روى مسلم في كتابه عن ليث بن أبي مسلم وغيره من الضعفاء ، فيقولون : إنّما روى في كتابه للاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات ، وهذا لا يقوى ، لأنّ الحفّاظ قالوا : الاعتبار والشواهد والمتابعات والاعتبارات أمور يتعرّفون بها حال الحديث ، وكتاب مسلم التزم فيه الصحّة ، فكيف يتعرّف حال الحديث الذي فيه بطرق ضعيفة .
واعلم أنّ ( عن ) مقتضية للانقطاع عند أهل الحديث ، ووقع في مسلم والبخاري من هذا النوع شيء كثير ، فيقولون على سبيل التحنّق : ما كان من هذا النوع في غير الصحيحين فمنقطع ، وما كان في الصحيحين فمحمول على الإتّصال .
وروى مسلم في كتابه عن أبي الزبير عن جابر أحاديث كثيرة بالعنعنة ، وقال الحافظ :
أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكّي يدلّس في حديث جابر ، فما كان يصفه بالعنعنة لا يقبل ، وقد ذكر ابن حزم وعبد الحقّ عن الليث بن سعد أنّه قال لأبي الزبير : علّم لي أحاديث سمعتها من جابر حتى أسمعها منك ، فعلّم لي أحاديث أظنّ أنّها سبعة عشر حديثاً فسمعتها منه ، قال الحافظ : فما كان من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر صحيح .
وقد روى مسلم في كتابه أيضاً عن جابر وابن عمر في حجّة الوداع : إنّ النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - توجّه إلى مكّة يوم النحر ، وطاف طواف الإفاضة ، ثم رجع فصلّى الظهر بمنى ، فينحنقون ويقولون : أعادها لبيان الجواز ، وغير ذلك من التأويلات ، ولهذا قال ابن حزم في هاتين الروايتين : إحداهما كذب بلا شكّ .
وروى مسلم أيضاً حديث الإسراء وفيه : « وذلك قبل أن يوحى إليه » وقد تكلّم الحفّاظ في هذه اللفظة وبيّنوا ضعفها .
وروى مسلم أيضا : « خلق الله التربة يوم السبت » ، واتفّق الناس على أنّ يوم السبت لم يقع فيه خلق .