وهكذا تندفع الشبهة الثالثة .
وأمّا في المرحلة الثالثة : فإن عثمان - عندما اختلف المسلمون في القراءة - أرسل إلى حفصة يطلب منها ما جمع بأمر أبي بكر قائلاً : « أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثمّ نردّها عليك . فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد ابن ثابت و . . .
فنسخوها في المصاحف . . . » (1) .
هذا هو الواقع في هذه المرحلة ، وما خالفه يطرح أو يؤوّل كالحديث الذي روي : أنّه كان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان . أوّله ابن حجر على أنّ المراد من « الشاهدين » هو « الحفظ والكتابة » ، وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح (2) ، قال ابن شامة بعد أن رواه : « وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الألفاظ وبزيادة ونقصان فقال : جلس عثمان على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : إنّما عهدكم بنبيّكم - صلّى الله عليه وآله وسلّم - منذ ثلاث عشرة سنة ، وأنتم تختلفون في القراءة ، يقول الرجل لصاحبه : والله ما تقيم قراءتك . قال : فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلاّ جاء به ، فجاء الناس بما عندهم ، فجعل يسألهم عليه البيّنة أنّهم سمعوه من رسول الله . ثمّ قال :
من أعرب الناس ؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : فمن أكتب الناس ؟ قالوا : زيد بن ثابت كاتب رسول الله - صلّى الله عليه وآله - ، قال : فليمل سعيد وليكتب زيد قال :
فكتب مصاحف ففرّقها في الأجناد ، فلقد سمعت رجالاً من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يقولون : لقد أحسن .
قال البيهقي : فيه انقطاع بين مصعب وعثمان . وقد روينا عن زيد بن ثابت