قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ) الآية . قال :
محبة العباد لربهم طاعته وابتغاء مرضاته وأن لا يفعلوا ما يوجب سخطه وعقابه ، ومحبة الله لعباده أن يثيبهم أحسن الثواب على طاعتهم ويعظمهم ويثني عليهم ويرضى عنهم ، وأما ما يعتقده أجهل الناس وأعداهم للعلم وأهله وأمقتهم للشرع وأسوأهم طريقة وإن كانت طريقتهم عند أمثالهم من الجهلة والسفهاء شيئا ، وهم الفرقة المفتعلة المتفعلة من الصوف وما يدينون به من المحبة والعشق والتغني على كراسيهم خربها الله وفي مراقصهم عطلها الله بأبيات الغزل المقولة في المردان الذين يسمونهم شهداء ، وصعقاتهم التي أين منها صعقة موسى يوم دلك الطور ، فتعالى الله عنه علوا كبيرا . ومن كلماتهم : كما أنه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته ، فإن الهاء راجعة إلى الذات دون النعوت والصفات اه كلامه . قال أحمد : لا شك أن تفسير محبة العبد لله بطاعته له على خلاف الظاهر ، وهو من المجاز الذي يسمى فيه المسبب باسم السيب ، والمجاز لا يعدل إليه عن الحقيقة إلا بعد تعذرها ، فليمتحن حقيقة المحبة لغة بالقواعد لينظر أهي ثابتة للعبد متعلقة بالله تعالى أم لا ، إذ المحبة لغة ميل المتصف بها إلى أمر ملذ . واللذات الباعثة على المحبة منقسمة إلى مدرك بالحس كلذة الذوق في المطعوم ، ولذة النظر واللمس في الصور المستحسنة ، ولذة الشم في الروائح العطرة ، ولذة السمع في النغمات الحسنة . والى لذة تدرك بالعقل كلذة الجاه والرياسة والعلوم وما يجري مجراها ، فقد ثبت أن في اللذات الباعثة على المحبة ما لا يدركه إلا العقل دون الحس ، ثم تتفاوت المحبة
