نام کتاب : البيان في تفسير القرآن نویسنده : السيد الخوئي جلد : 1 صفحه : 291
المسلمين كانوا مخيرين في الصلاة إلى أية جهة شاءوا وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد اختار من الجهات جهة بيت المقدس ، فنسخ ذلك بالامر بالتوجه إلى خصوص بيت الله الحرام . ولا يخفى ما في هذا القول من الوهن والسقوط ، فإن قوله تعالى : " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه 2 : 143 " . صريح في أن توجهه إلى بيت المقدس كان بأمر من الله تعالى لمصلحة كانت تقتضي ذلك ، ولم يكن لاختيار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك دخل أصلا . والصحيح أن يقال في الآية الكريمة إنها دالة على عدم اختصاص جهة خاصة بالله تعالى ، فإنه لا يحيط به مكان ، فأينما توجه الانسان في صلاته ودعائه وجميع عباداته فقد توجه إلى الله تعالى . ومن هنا استدل بها أهل البيت - ع - على الرخصة للمسافر أن يتوجه في نافلته إلى أية جهة شاء ، وعلى صحة صلاة الفريضة فيما إذا وقعت بين المشرق والمغرب خطأ ، وعلى صحة صلاة المتحير إذا لم يعلم أين وجه القبلة . وعلى صحة سجود التلاوة إلى غير القبلة ، وقد تلاها سعيد بن جبير " رحمه الله " لما أمر الحجاج بذبحه إلى الأرض [1] فهذه الآية مطلقة ، وقد قيدت في الصلاة الفريضة بلزوم التوجه فيها إلى بيت المقدس تارة ، وإلى الكعبة تارة أخرى ، وفي النافلة أيضا في غير حال المشي على قول . وأما ما في بعض الروايات من أنها نزلت في النافلة فليس المراد أنها مختصة بذلك " وقد تقدم أن الآيات لا تختص بموارد نزولها " . وجملة القول : ان دعوى النسخ في الآية الكريمة يتوقف ثبوتها على أمرين :