نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : السيد هاشم البحراني جلد : 0 صفحه : 10
ونذكر فيما يلي شاهدا واحدا من كلماتهم على هذا الفهم المشبع بروح التصوف للقرآن : يقول بعض كبار علماء هذه الطائفة وكبار العارفين ، في تفسير قوله تعالى : ولَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِه غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وأَلْقَى الأَلْواحَ وأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيه يَجُرُّه إِلَيْه « 1 » إن عتاب موسى ( عليه السلام ) لهارون لأنه أنكر على هارون إنكاره لعبادة العجل ، وعدم اتساع صدره لعبادة العجل ، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء ، بل يراه عين كل شيء . « 2 » وكتب علماء الصوفية حافلة بمثل ذلك ، ولعل فيما خلفه الشيخ العارف بالله والصوفي الشهير ابن العربي في ( التفسير ) و ( الفتوحات ) و ( الفصوص ) وغير ذلك من كتبه ومؤلفاته بعض الشواهد على ذلك ، على أننا نقدر الجهد الفكري الكبير الذي بذله هذا العالم المحقق في معارف القرآن والتوحيد ، في الوقت الذي نشير إلى شطحاته في تفسير كتاب الله . وهذه الآراء والتفاسير تعد بمجموعها ركاما كبيرا وثقيلا في تاريخ القرآن الكريم وله مردود سلبي على وعي القرآن وأسلوب التعامل معه . هذا دون أن نقصد بهذا الكلام الانتقاص من الجهد العلمي الكبير الذي بذله هؤلاء العلماء والعارفون في استكشاف أعماق هذا الكتاب ، واستخراج أفكاره ومفاهيمه إلى الناس . ونحن نحتاج إلى دراستين قرآنيتين لهذه المرحلة أشد ما تكون الحاجة : الدراسة الأولى : تختص بتاريخ هذه المرحلة من مراحل تفسير القرآن ، وتقسيمها إلى عدد من الفصول والأدوار ، بموجب القفزات النوعية التي قام بها علماء التفسير في حقل التفسير ، والمستجدات القرآنية التي استجدوها خلال هذه الفترة التي تزيد على الألف سنة . ولو استقرأنا الجهد العلمي والعقلي الذي قام به علماء المسلمين خلال هذه الفترة من الناحية الكمية لعرفنا ضخامة العمل والجهد الذي قام به هؤلاء العلماء ، ولا بد أن تكون الحصيلة النوعية والكيفية لهذا الكم الهائل من الجهد أمرا عظيما ، يستحق الاهتمام والمتابعة ، وعندئذ ندرك ماذا فتح الله على علماء المسلمين خلال هذه الفترة من وعي القرآن ، وماذا بقي على الخلف مما تركه السلف من آفاق ومساحات مجهولة لم تفتح بعد ، لتنظم الجهود وللحيلولة دون تكرار الأعمال . الدراسة الثانية : تختص بالنقد العلمي للجهود التي بذلت خلال هذه الفترة من تاريخ القرآن . وهذه الدراسة تفرز الأعمال الأصلية التي استفادت من القرآن عن الأعمال التي حاولت أن تحمل القرآن بمجموعة من التوجهات والمتبنيات الفكرية ، وبالتالي تفرز لنا الجهود التي خضعت للقرآن ، وكونت رأيا وفهما وذوقا خاضعا لكتاب الله ، عن الجهود التي حاولت إخضاع كتاب الله لأذواق ومتبنيات أصحابها ، كما تفرز لنا هذه
( 1 ) الأعراف 7 : 150 . ( 2 ) شرح القيصري : 437 .
مقدمة 18
نام کتاب : البرهان في تفسير القرآن نویسنده : السيد هاشم البحراني جلد : 0 صفحه : 10