العلم لصاحبه ؛ لأنّه مهتد على وجه المدح ، والهدى يكون أن يهديه إلى طريق الجنة ، كما قال الله تعالى : * ( وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ) * ، وأصل الهداية في اللغة : الدلالة على طريق الرشد .
فإن قيل : ما معنى المسألة في ذلك وقد هداهم الله الصراط المستقيم ، ومعلوم أنّ الله تعالى يفعل بهم ما هو أصلح لهم في دينهم ؟ قيل : يجوز أن يكون ذلك عبادة وانقطاعاً إليه تعالى كما قال : * ( رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ) * وإن علمنا أنّه لا يحكم إلاّ بالحق ، ويكون لنا في ذلك مصلحة كسائر العبادات ، وكما تعبّدنا بأن نكرّر تسبيحه وتحميده والإقرار بتوحيده ولرسوله بالصدق ، إن كنّا معتقدين لجميع ذلك .
ويجوز أن يكون المراد بذلك الزيادة في الألطاف كما قال تعالى : * ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ) * [1] وقال : * ( يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ ) * [2] ويجوز أن يكون الله تعالى يعلم أنّ أشياء كثيرة تكون أصلح لنا ، وأنفع لنا إذا سألناه ، وإذا لم نسأله لا يكون ذلك مصلحة ، وكان ذلك وجهاً في حسن المصلحة .
ويجوز أن يكون المراد استمرار التكليف والتعريض للثواب ، لأنّ إدامته ليست واجبة بل هو تفضّل محض جاز أن يرغب فيه بالدعاء ، ويلزم المخالف أن يقال له : إذا كان الله تعالى قد علم أنّه يفعل ذلك لا محالة ، فما معنى سؤاله ما علم أنّه يفعله ، فما أجابوا به فهو جوابنا .
والصراط المستقيم هو الدين الحقّ الّذي أمر الله به من توحيده ، وعدله ، وولاية من أوجب طاعته ، قال جرير :