وقد روي في أخبارنا أنّ أوّل من حجّ البيت آدم ، وذلك يدلّ على أنّه قد كان قبل إبراهيم ، وإنّما قال : * ( إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) * لأنّه لما ذكر الدعاء ، اقتضى حينئذٍ ذكر ذلك ، كأنّه قال : انّك أنت السميع العليم بنا ، وبما يصلحنا .
ومعنى قوله : * ( تَقَبَّلْ مِنَّا ) * أي أثبنا على عمله ، وهو مشبه بتقبل الهدية في أصل اللغة .
وروي عن محمّد بن عليّ الباقر ( عليه السلام ) أنّه قال : إنّ الله تعالى وضع تحت العرش أربع أساطين وسمّاه الضراح وهو البيت المعمور ، وقال للملائكة : طوفوا به ، ثم بعث ملائكة فقال : ابنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره ، وأمر من في الأرض أن يطوفوا بالبيت .
وقال أبو جعفر : إسماعيل أوّل من شق لسانه بالعربية ، وكان أبوه يقول : وهما يبنيا البيت : يا إسماعيل هابي ابن [1] أي أعطني حجراً ، فيقول له إسماعيل بالعربية : يا أبي هاك حجراً ، وإبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة .
وروي عن عبد الله بن عمر قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال : إنّي منزل معك أو مهبط معك بيتاً تطوف حوله كما يطاف حول عرشي ، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي ، ولما كان زمن الطوفان رفع ، وكانت الأنبياء يحجّونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله لإبراهيم فأعلمه مكانه فبناه من خمسة أجبل : من حرا ، وثبير ، ولبنان ، وجبل الطور ، وجبل الخمر [2] ، قال الطبري وهو جبل بدمشق .
قوله تعالى : * ( رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ ومِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وأَرِنا مَناسِكَنا وتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) * آية بلا خلاف ( 128 ) .