قال صاحب العين : الذر صغار النمل ، واحده ذرة ، والذر أخذك الشيء بأطراف أصابعك ، تقول : ذررت الدواء أذرّه ذرّاً ، وكذلك الملح وغيره ، واسم الدواء - الّذي يتخذ للعين - ذرور ، والذريرة : ذات قصب الطيب ، وهو قصب يجاء به من الهند كأنّه قصب النشاب ، والذرارة ما تناثر من الشيء الّذي تذرّه ، والذرية : فعلية من ذررت ، لأنّ الله تعالى ذرهم في الأرض ، فنثرهم فيها ، كما أنّ السريرة من سررت ، والجمع الذراري ، والسراري وما أشبهه وإن خفّفت جاز ، والذرور ذروة الشمس ، فهو يذر ذروراً وذلك أول طلوعها ، وسقوطها إلى الأرض أو الشجر ، وتقول : ذر قرن الشمس أي طلع ، وأصل الباب الذر وهو التفرقة .
وقوله : * ( لا يَنَالُ عَهْدِي ) * والنيل واللحاق والإدراك نظائر ، والنيل والنوال : ما نلته من معروف إنسان ، وأناله معروفه ونوّله : أعطاه نوالاً . قال طرفة :
إن تنوّله فقد تمنعه * * وتريه النجم يجري بالظهر وقولهم : نولك أن تفعل ذلك ، ومعناه حقك أن تفعل ، والنول خشبة الحائك الّذي ينسج الوسائد عليه ونحوها ، وأداته المنصوبة أيضاً تسمّى النوال ، وأصل الباب النيل ، وهو اللحوق .
والمراد بالعهد ها هنا فيه خلاف ، قال السدي واختاره الجبائي : إنّه أراد النبوة .
وقال مجاهد : هو الإمامة وهو المروي عن أبي جعفر ، وأبي عبد الله ( عليه السلام ) قالوا : “ لا يكون الظالم إماماً ” .
وقال أبو حذيفة : لا أتخذ إماماً ضالاً في الدنيا ، وقيل : معناه الأمر بالوفاء له فيما عقده من ظلمه ، وقال ابن عباس : فإذا عقد عليك في ظلم ، فانقضه .
وقال الحسن : ليس لهم عند الله عهد يعطيهم عليه خيراً في الآخرة ، فأمّا في الدنيا فقد يعاهدون فيوفى لهم ، وكأنّه على هذا التأويل طاعة يحتسب بها في الآخرة .