والثاني : ما حكي عن قتادة ، أنّه قال : هو مصدر قرأت الشيء إذا جمعت بعضه إلى بعض ، قال عمرو بن كلثوم :
ذراعي عيطل [1] أدماء [2] بكر * هِجانِ [3] اللون لم تقرأ جنينا أي لم تضم جنينها في رحمها ، وقال قطرب في معناه قولان : أحدهما هذا وعليه أكثر المفسّرين ، وقال قولاً آخر : معناه لفظت به مجموعاً ، وقال معنى البيت أيضاً أي لم تلقه مجموعاً ، وتفسير ابن عباس أولى ، لأنّ قوله تعالى : * ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) * [4] .
والوجه المختار أن يكون المراد وإذا تلوناه عليك ، وبينّاه لك ، فاتّبع تلاوته ، ولو حملناه على الجمع - على ما قال قتادة - لكان يجب ألاّ يلزم اتباع آية آية من القرآن النازلة في كلّ وقت ، وكان يقف وجوب الاتباع على حين الجمع ، لأنّه علّقه بذلك على هذا القول ، لأنّه قال : * ( فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) * يعني جمعناه على ما قالوه فاتّبع قرآنه ، وكان يقف وجوب الاتباع على تكامل الجميع ، وذلك خلاف الإجماع ، فالأول أولى .
فإن قيل : كيف يسمّي القراءة قرآناً ، وإنّما هو مقروء ؟ قلنا : سمّي بذلك كما يسمّى المكتوب كتاباً ، بمعنى : كتاب الكاتب ، قال الشاعر في صفة طلاق كتبه لامرأته :