فلا يدفع أحد من الملحدين - وإن جحدوا نبوته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) - أنّه أتى بهذا القرآن ، وجعله حجةً لنفسه ، وقرأه على العرب ، وقد علمنا أنّه ليس بأدون الجماعة في الفصاحة ، وكيف يجوز أن يحتج بشعر الشعراء عليه ، ولا يجوز أن يحتج بقوله عليهم ، وهل هذا إلاّ عناد محض ، وعصبية صرف ؟ وإنّما يحتج علماء الموحدين بشعر الشعراء وكلام البلغاء ، اتساعاً في العلم ، وقطعاً للشغب ، وإزاحة للعلّة ، وإلاّ فكان يجب ألا يلتفت إلى جميع ما يطعن عليه ، لأنّهم ليسوا بأن يجعلوا عياراً عليه بأولى من أن يجعل هو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عياراً عليهم .
وروي عن ابن مسعود ، أنّه قال : ( كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتى يعرف معانيهنّ ، والعمل بهنّ ) [1] . وروي أنّه استعمل عليّ ( عليه السلام ) عبد الله بن العباس على الحج فخطب خطبة لو سمعها الترك والروم لأسلموا ، ثمّ قرأ عليهم سورة النور - وروي سورة البقرة - ففسّرها ، فقال رجل : ( لو سمعت هذا الديلم لأسلمت ) [2] ويروى عن سعيد بن جبير أنّه من قرأ القرآن ثمّ لم يفسّره كان كالأعجمي أو الأعرابي [3] .