وقوله : * ( إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) * إنّما ذكر الرحيم ، ليدلّ بذلك على أنّه متفضّل بقبول التوبة ، ومنعم به ، وأنّ ذلك ليس هو على وجه الوجوب ، على ما يقوله المخالف ، ومن خالف في ذلك يقول : لما ذكر التواب بمعنى الغفار باسقاط العقوبة ، وصل ذلك بذكر النعمة ، ليدلّ على أنّه مع إسقاط العقوبة ، لا يخلي العبد من النعمة الحاصلة ترغيباً له ، وفي الإنابة والرجوع إليه بالتوبة ( وتوَّاب ) بمعنى أنّه قابل التوبة ، لا يطلق إلاّ عليه تعالى ، ولا يطلق في الواحد منّا .
وإنّما قال : * ( فَتَابَ عَلَيْهِ ) * ولم يقل فتاب عليهما ، لأنّه اختصر ، كما قال : * ( وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ ) * [1] ومعناه أن يرضوهما ، كذلك معنى الآية فتاب عليهما ، ومثل ذلك قوله : * ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا ) * [2] وقال الشاعر :
رماني بأمر كنت منه ووالدي * بريئاً ومن جول الطَّوِي رماني [3] وقال آخر نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف [4]