المخطئون كما لاذ بالعرش الملائكة المقرّبون ، فقال الله تعالى : إنّي أعرف بالمصلحة منكم ، وهو معنى قوله : * ( إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) * .
قوله تعالى : * ( وعَلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) * آية واحدة بلا خلاف ( 31 ) .
روي عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : “ خلق الله آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض - وقيل : قبضها ملك الموت - فجاء بنو آدم على قدر ذلك : منهم الأسود والأحمر ، والأبيض ، والسهل ، والحزن ، والخبيث ، والطيب ” .
وقوله : * ( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ) * معناه أنّه علّمه معاني الأسماء ، من قبل أنّ الأسماء بلا معان لا فائدة فيها ، ولا وجه لإيثاره الفضيلة بها ، وقد نبّه الله الملائكة على ما فيه من لطيف الحكمة ، فأقروا عندما سئلوا عن ذكرها والإخبار عنها أنّهم لا علم لهم بها ، فقال : * ( يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ ) * . وقول قتادة ، وظاهر العموم يقتضي أنّه علّمه الأسماء ، وبه قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة ، وأكثر المتأخرين : كالبلخي والجبائي وابن الاخشيد والرماني .
وقال الطبري بما يحكى عن الربيع وابن زيد أنّهما قالا : علّمه الله أسماء ذريته وأسماء الملائكة وقال هو الاختيار دون قول ابن عباس ، وقال : إنّ قولهم : * ( عَرَضَهُمْ ) * إنّما يكون لمن يعقل في الأظهر من كلام العرب ، وهذا غلط لما بيّناه من التغليب وحسنه ، كما قال تعالى : * ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَع ) * [1]