ما سمعوه ولا رأوه فلذلك قال : * ( طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ) * * ( وَأَضَلَّهُمْ ) * * ( وأصمهم ) * * ( وأعمى أبصارهم ) * * ( وجعل عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً ) * * ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) * .
وكان ذلك إخباراً عمّا أحدثوه عند امتحان الله إياهم وأمرهم له بالطاعة والايمان لأنّه ما فعل بهم ما منعهم من الايمان ، وقد يقول الرجل : حب المال قد أعمى فلاناً وأصمّه ، ولا يريد بذلك نفي حاسته ، لكنّه إذا شغله عن الحقوق والقيام بما يجب عليه قيل : أصمّه وأعماه ، وكما قيل في المثل : حبك للشيء يعمي ويصمّ - ويريدون به ما قلناه - وقال مسكين الدارمي :
أعمى إذا ما جارتي خرجت * حتى يواري جارتي الخدر ويصم عمّا كان بينهما * سمعي وما بي غيره وقر [1] وقال آخر : أصمّ عمّا ساءه سميع ، فجمع الوصفين ، وانّما جاز * ( صُمٌّ وبُكْمٌ ) * بعد وصف حالهم في الآخرة كما في قوله : * ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) * لأمرين :
أحدهما : أنّ المعتمد من الكلام على ضرب المثل لهم في الدنيا في الانتفاع باظهار الايمان .
الثاني : إنّه اعتراض بين مثلين بما يحقق حالهم فيهما على سائر أمرهما ، وقيل : إنّ معناه التقديم والتأخير .