نام کتاب : نواسخ القرآن نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 7
" فبكرنا لمشاهدته وقعدنا إلى أن وصل هذا الخبير المتكلم فصعد المنبر وأزاح طيلسانه عن رأسه تواضعا لحرمة المكان ، وقد تسطر قراء القرآن أمامه على كراسي موضوعة ، فابتدروا القراءة على الترتيب ، فشوفوا ما شاؤوا وأطربوا ما أرادوا وبادرت العيون بارسال الدموع " . " فلما فرغوا من القراءة ، وقد أحصينا لهم تسع آيات من سور مختلفات ، صدع ابن الجوزي بخطبته الزهراء ، وأتى بأوائل الآيات في أثنائها منتظمات ، ومشى في الخطبة على فقرة آخر آية منها في الترتيب إلى أكملها . وكانت الآية ( الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ، ان الله لذو فضل على الناس ( 1 ) ) . " فتمادى على هذا السين ، وحسن أي تحسين ، فكان يومه هذا أعجب من أمسه ، ثم أخذ في الثناء على الخليفة والدعاء له ولوالدته ، وكن بها " الستر الأشرف والجناب الأرأف ( 2 ) " . " ثم سلك سبيله في الوعظ ، كل ذلك بديهة لا روية ويصل كلامه في ذلك بالآيات التي قرأها القراء من قبل في المجلس ، فأرسلت وابلها العيون ، وأبدت النفوس سر شوقها المكنون ، وتطارح الناس عليه بذنوبهم معترفين وبالتوبة معلنين ، وطاشت الألباب والعقول ، وكثر الوله والذهول ، وصارت الناس لا تملك تحصيلا ولا تميز معقولا ولا للبصر سبيلا " . " ثم في أثناء مجلسه كان اشعارا في النسب مبرحة التشويق بديعة الترقيق ، تشعل القلوب وجدا ويعود موضعها الغزلي وجدا ( 3 ) ، فمن ذلك ما أنشده :
1 - سورة غافر ، الآية : 61 . 2 - كثر في العصر العباسي الثاني تدخل نساء الخلفاء في الحكم وخصوصا الأمهات اللواتي كان لهن الأثر الكبير في سير الاحداث في بغداد ، فلابد اذن والحالة هذه ان تذكر النساء في الخطب وتمدح مع الممدوحين . 3 - تطالع في هذا الكتاب استشهاداته في شعر الغزل والمديح التي يحول معناها إلى حب في الله .
نام کتاب : نواسخ القرآن نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 7