responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 511


* ( ولَا الضَّالِّينَ ) * [ الفاتحة / 7 ] ، فقد قيل : عني بِالضَّالِّينَ النّصارى [1] . وقوله : * ( فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ ) * رَبِّي ولا يَنْسى [ طه / 52 ] ، أي : لا يَضِلُّ عن ربّي ، ولا يَضِلُّ ربّي عنه : أي : لا يغفله ، وقوله : * ( أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ) * [ الفيل / 2 ] ، أي : في باطل وإِضْلَالٍ لأنفسهم .
والإِضْلَالُ ضربان : أحدهما : أن يكون سببه الضَّلَالُ ، وذلك على وجهين : إمّا بأن يَضِلَّ عنك الشيءُ كقولك : أَضْلَلْتُ البعيرَ ، أي : ضَلَّ عنّي ، وإمّا أن تحكم بِضَلَالِه ، والضَّلَالُ في هذين سبب الإِضْلَالِ .
والضّرب الثاني : أن يكون الإِضْلَالُ سببا لِلضَّلَالِ ، وهو أن يزيّن للإنسان الباطل ليضلّ كقوله : * ( لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ ) * وما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [ النساء / 113 ] ، أي يتحرّون أفعالا يقصدون بها أن تَضِلَّ ، فلا يحصل من فعلهم ذلك إلَّا ما فيه ضَلَالُ أنفسِهِم ، وقال عن الشيطان : * ( ولأُضِلَّنَّهُمْ ) * ولأُمَنِّيَنَّهُمْ [ النساء / 119 ] ، وقال في الشّيطان : * ( ولَقَدْ أَضَلَّ ) * مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً [ يس / 62 ] ، * ( ويُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ) * ضَلالًا بَعِيداً [ النساء / 60 ] ، * ( ولا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ ) * عَنْ سَبِيلِ الله [ ص / 26 ] ، وإِضْلَالُ اللَّه تعالى للإنسان على أحد وجهين :
أحدهما أن يكون سببُه الضَّلَالَ ، وهو أن يَضِلَّ الإنسانُ فيحكم اللَّه عليه بذلك في الدّنيا ، ويعدل به عن طريق الجنّة إلى النار في الآخرة ، وذلك إِضْلَالٌ هو حقٌّ وعدلٌ ، فالحكم على الضَّالِّ بضَلَالِه والعدول به عن طريق الجنّة إلى النار عدل وحقّ .
والثاني من إِضْلَالِ اللَّه : هو أنّ اللَّه تعالى وضع جبلَّة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا ، محمودا كان أو مذموما ، ألفه واستطابه ولزمه ، وتعذّر صرفه وانصرافه عنه ، ويصير ذلك كالطَّبع الذي يأبى على الناقل ، ولذلك قيل : العادة طبع ثان [2] . وهذه القوّة في الإنسان فعل إلهيّ ، وإذا كان كذلك - وقد ذكر في غير هذا الموضع أنّ كلّ شيء يكون سببا في وقوع فعل - صحّ نسبة ذلك الفعل إليه ، فصحّ أن ينسب ضلال العبد إلى اللَّه من هذا الوجه ، فيقال : أَضَلَّه اللَّه لا على الوجه الذي يتصوّره الجهلة ، ولما قلناه جعل الإِضْلَالَ المنسوب إلى نفسه للكافر والفاسق دون المؤمن ، بل نفى عن نفسه إِضْلَالَ المؤمنِ فقال :
* ( وما كانَ الله لِيُضِلَّ ) * قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ [ التوبة / 115 ] ، * ( فَلَنْ يُضِلَّ ) * أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ [ محمد / 4 - 5 ] ، وقال في الكافر



[1] أخرج أحمد والترمذي وحسّنه وابن أبي حاتم 1 / 23 عن عديّ بن حاتم قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلم : « إنّ المغضوب عليهم اليهود ، وإنّ الضالين النصارى » انظر : الدر المنثور 1 / 42 . المسند 4 / 378 .
[2] انظر : بسط المقال في ذلك في كتاب ( الذريعة ) للمؤلف ص 38 - 39 .

نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 511
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست