responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 479


وإمّا أن يوصف تارة بالصّدق ، وتارة بالكذب على نظرين مختلفين ، كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد : محمّد رسول اللَّه ، فإنّ هذا يصحّ أن يقال : صِدْقٌ ، لكون المخبر عنه كذلك ، ويصحّ أن يقال : كذب ، لمخالفة قوله ضميره ، وبالوجه الثاني إكذاب اللَّه تعالى المنافقين حيث قالوا :
* ( نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله . . . ) * الآية [ المنافقون / 1 ] ، والصِّدِّيقُ : من كثر منه الصّدق ، وقيل : بل يقال لمن لا يكذب قطَّ ، وقيل : بل لمن لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده الصّدق ، وقيل : بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقّق صدقه بفعله ، قال :
* ( واذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّه كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا ) * [ مريم / 41 ] ، وقال : * ( واذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّه كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا ) * [ مريم / 56 ] ، وقال : * ( وأُمُّه صِدِّيقَةٌ ) * [ المائدة / 75 ] ، وقال :
* ( فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِينَ ) * والشُّهَداءِ [ النساء / 69 ] ، فَالصِّدِّيقُونَ هم قوم دُوَيْنَ الأنبياء في الفضيلة على ما بيّنت في « الذّريعة إلى مكارم الشّريعة » [1] . وقد يستعمل الصّدق والكذب في كلّ ما يحقّ ويحصل في الاعتقاد ، نحو : صدق ظنّي وكذب ، ويستعملان في أفعال الجوارح ، فيقال :
صَدَقَ في القتال : إذا وفّى حقّه ، وفعل ما يجب وكما يجب ، وكذب في القتال : إذا كان بخلاف ذلك .
قال : * ( رِجالٌ صَدَقُوا ) * ما عاهَدُوا الله عَلَيْه [ الأحزاب / 23 ] ، أي : حقّقوا العهد بما أظهروه من أفعالهم ، وقوله : * ( لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ ) * [ الأحزاب / 8 ] ، أي : يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفي الاعتراف بالحقّ دون تحرّيه بالفعل ، وقوله تعالى : * ( لَقَدْ صَدَقَ ) * الله رَسُولَه الرُّؤْيا بِالْحَقِّ [ الفتح / 27 ] ، فهذا صِدْقٌ بالفعل وهو التّحقّق ، أي : حقّق رؤيته ، وعلى ذلك قوله : * ( والَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) * وصَدَّقَ بِه [ الزمر / 33 ] ، أي : حقّق ما أورده قولا بما تحرّاه فعلا ، ويعبّر عن كلّ فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصّدق ، فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به نحو قوله : * ( فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ ) * عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [ القمر / 55 ] ، وعلى هذا : * ( أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) * [ يونس / 2 ] ، وقوله :
* ( أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) * [ الإسراء / 80 ] ، * ( واجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ ) * فِي الآخِرِينَ [ الشعراء / 84 ] ، فإنّ ذلك سؤال أن يجعله اللَّه تعالى صالحا ، بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثّناء كذبا بل



[1] انظر : الذريعة ص 71 ، باب أصناف الناس .

نام کتاب : مفردات ألفاظ القرآن نویسنده : الراغب الأصفهاني    جلد : 1  صفحه : 479
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست