وقد عاصر من علماء اللغة الأصمعيّ ( - 216 ) ، وأبا زيد ( - 214 ) ، وكان بينهم من الخلاف ما يكون بين المتعاصرين ، ولكنّ خلافهم هذا لم يصل إلى الريبة في الثقة بما يرويه كل واحد منهم [1] ، أو إلى الأنفة من الاعتراف بالحق لصاحبه حين يبدو وجه هذا الحق [2] . ذلك لأنهم لم يكونوا يختلقون ولا يتزيدون . ومن هنا نرى شذوذ قول بعض الباحثين الغربيين : إن أبا عبيدة كان حين يضيق علمه يختلق ما يفيده في نزعته [3] وكان الرواة والآخذون عنهم يرجّحون أبا عبيدة إذا قاسوه بصاحبيه أو بأحدهما [4] ، على ما ساءت عبارته وحسنت عبارة الأصمعي التي هيأت له أن يفوز على أبى عبيدة في مواقف يذكرها الرواة [5] ، ولعل ملحظهم في هذا التفضيل أن أبا عبيدة كان له - إلى غزارة العلم - مرونة وحرية في فهم اللغة لم تكن عند الأصمعي وأبى زيد [6] ، على أن أبا عبيدة وأبا زيد كانا يتفقان في كثير من مسائل اللغة [7] . ثقافة أبى عبيدة : كان أبو عبيدة من المعمّرين ، وفي عهده وضعت أسس العلوم الإسلامية على ما اختلفت نواحيها من تفسير وحديث وفقه وأخبار ، وكان أبو عبيدة يشارك في