إلى بقرة من عرض البقر فيذبحوها ، ثم كذلك بعد الوصف بكونها جامعة بين الوصف بالعوان والصفراء ، ولا دليل يدل على أن هذه المحاورة بينهم وبين موسى عليه السلام واقعة في لحظة واحدة ، بل الظاهر أن هذه الأسئلة المتعنتة كانوا يتواطؤون عليها ، ويديرون الرأي بينهم في أمرها ثم يوردونها ، وأقل الأحوال الاحتمال القادح في الاستدلال .
وقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عبيدة السلماني قال :
كان رجل من بني إسرائيل عقيما لا يولد له وكان له مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم ، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم إلى بعض ، فقال ذو الرأي منهم : علام يقتل بعضكم بعضا ، وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى فذكروا ذلك له ، فقال ( إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ) الآية ، قال : فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ، ولكنهم شددوا فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا بذبحها ، فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها ، فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهبا ، فأخذوها بملء جلدها ذهبا ، فذبحوها فضربوه ببعضها ، فقام فقالوا من قتلك ؟ فقال هذا ، لابن أخيه ثم مال ميتا ، فلم يعط من ماله شيئا ، ولم يورث قاتل بعده . وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب " من عاش بعد الموت " عن ابن عباس أن القتيل وجد بين قريتين ، وأن البقرة كانت لرجل كان يبر أباه فاشتروها بوزنها ذهبا . وأخرج ابن جرير عنه نحوا من ذلك ، ولم يذكر ما تقدم في البقرة . وقد روى في هذا قصص مختلفة لا يتعلق بها كثير فائدة . وأخرج البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " إن بني إسرائيل لو أخذوا أدنى بقرة لأجزأهم أو لأجزأت عنهم " وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " لولا أن بني إسرائيل قالوا ( وإنا إن شاء الله لمهتدون ) ما أعطوا أبدا ، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم " وأخرج نحوه الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر عن عكرمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وأخرجه ابن جرير عن ابن جريج يرفعه . وأخرجه ابن جرير عن قتادة يرفعه أيضا ، وهذه الثلاثة مرسلة . وأخرج نحوه ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال : الفارض الهرمة ، والبكر الصغيرة ، والعوان النصف . وأخرج نحوه عن مجاهد . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( عوان بين ذلك ) قال : بين الصغيرة والكبيرة ، وهي أقوى ما يكون وأحسنه . وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله ( صفراء فاقع لونها ) قال :
شديدة الصفرة تكاد من صفرتها تبيض . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله ( صفراء ) قال صفراء الظلف ( فاقع لونها ) قال صافي . وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال ( فاقع لونها ) أي صاف ( تسر الناظرين ) أي تعجب . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله ( صفراء فاقع لونها ) قال : سوداء شديدة السواد . وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله ( لا ذلول ) أي لم يذلها العمل ( تثير الأرض ) يعني ليست بذلول فتثير الأرض ( ولا تسقي الحرث ) يقول : ولا تعمل في الحرث ( مسلمة ) قال :
من العيوب . وأخرج نحوه عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد . وقال ( لا شية فيها ) لا بياض فيها ولا سواد .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ( مسلمة ) لا عوار فيها . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ( قالوا الآن جئت بالحق ) قالوا : الآن بينت لنا ( فذبحوها وما كادوا يفعلون ) وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب في قوله ( وما كادوا يفعلون ) لغلاء ثمنها .