responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 98


الألوان ، وجمهور المفسرين على أنها كانت جميعها صفراء . قال بعضهم : حتى قرنها وظلفها . وقال الحسن وسعيد ابن جبير : إنها كانت صفراء القرن والظلف فقط ، وهو خلاف الظاهر . والمراد بالصفرة هنا الصفرة المعروفة .
وروى عن الحسن أن صفراء معناه سوداء ، وهذا من بدع التفاسير ومنكراتها ، وليت شعري كيف يصدق على اللون الأسود الذي هو أقبح الألوان أنه يسر الناظرين ، وكيف يصح وصفه بالفقوع الذي يعلم كل من يعرف لغة العرب أنه لا يجزي على الأسود بوجه من الوجوه ، فإنهم يقولون في وصف الأسود : حالك وحلكوك ودجوجي وغربيب . قال الكسائي : يقال فقع لونها يفقع فقوعا : إذا خلصت صفرته . وقال في الكشاف : الفقوع إذا أشد ما يكون من الصفرة وأنصعه . ومعنى ( تسر الناظرين ) تدخل عليهم السرور إذا نظروا إليها إعجابا بها واستحسانا للونها . قال وهب : كانت كأن شعاع الشمس يخرج من جلدها ، ثم لم ينزعوا عن غوايتهم ولا ارعووا من سفههم وجهلهم ، بل عادوا إلى تعنتهم فقال ( ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا ) أي أن جنس البقر يتشابه عليهم لكثرة ما يتصف منها بالعوان الصفراء الفاقعة ، ووعدوا من أنفسهم بالاهتداء إلى ما دلهم عليه ، والامتثال لما أمروا به . والذلول : التي لم يذللها العمل : أي هي غير مذللة بالعمل ولا ريضة به . وقوله ( تثير ) في موضع رفع على الصفة لبقرة : أي هي بقرة لا ذلول مثيرة ، وكذلك قوله ( ولا تسقي الحرث ) في محل رفع لأنه وصف لها : أي ليست من النواضح التي يسنى عليها لسقي الزروع ، وحرف النفي الآخر توكيد للأول : أي هي بقرة غير مذللة بالحرث ولا بالنضح ، ولهذا قال الحسن : كانت البقرة وحشية . وقال قوم : إن قوله " تثير " فعل مستأنف .
والمعنى : إيجاب الحرث لها والنضح بها . والأول أرجح ، لأنها لو كانت مثيرة ساقية لكانت مذللة ريضة ، وقد نفى الله ذلك عنها . وقوله ( مسلمة ) مرتفع على أنه من أوصاف البقرة ، ويجوز أن يكون مرتفعا على أنه خبر لمبتدأ محذوف : أي هي مسلمة . والجملة في محل رفع على أنها صفة ، والمسلمة : هي التي لا عيب فيها ، وقيل مسلمة من العمل ، وهو ضعيف لأن الله سبحانه قد نفى ذلك عنها ، والتأسيس خير من التأكيد ، والإفادة أولى من الإعادة .
والشية أصلها وشية حذفت الواو كما حذفت من يشي ، وأصله يوشي ، ونظيره الزنة والعدة والصلة ، وهي مأخوذة من وشى الثوب : إذا نسج على لونين مختلفين ، وثور موشى في وجهه وقوائمه سواد . والمراد أن هذه البقرة خالصة الصفرة ليس في جسمها لمعة من لون آخر . فلما سمعوا هذه الأوصاف التي لا يبقى بعدها ريب ولا يخالج سامعها شك ، ولا تحتمل الشركة بوجه من الوجوه ، أقصروا من غوايتهم ، وانتبهوا من رقدتهم وعرفوا بمقدار ما أوقعهم فيه تعنتهم من التضييق عليهم ( قالوا الآن جئت بالحق ) أي أوضحت لنا الوصف ، وبينت لنا الحقيقة التي يجب الوقوف عندها ، فحصلوا تلك البقرة الموصوفة بتلك الصفات ( فذبحوها ) وامتثلوا الأمر الذي كان يسرا فعسروه ، وكان واسعا فضيقوه ( وما كادوا يفعلون ) ما أمروا به لما وقع منهم من التثبط والتعنت وعدم المبادرة ، فكان ذلك مظنة للاستبعاد ، ومحلا للمجئ بعبارة مشعرة بالتثبط الكائن منهم ، وقيل إنهم ما كادوا يفعلون لعدم وجدان البقرة المتصفة بهذه الأوصاف ، وقيل لارتفاع ثمنها ، وقيل لخوف انكشاف أمر المقتول ، والأول أرجح . وقد استدل جماعة من المفسرين والأصوليين بهذه الآية على جواز النسخ قبل إمكان الفعل .
وليس ذلك عندي بصحيح لوجهين : الأول : أن هذه الأوصاف المزيدة بسبب تكرر السؤال هي من باب التقييد للمأمور به لا من باب النسخ ، وبين البابين بون بعيد كما هو مقرر في علم الأصول . الثاني : أنا لو سلمنا أن هذا من باب النسخ لا من باب التقييد لم يكن فيه دليل على ما قالوه ، فإنه قد كان يمكنهم بعد الأمر الأول أن يعمدوا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست