responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 529


قوله ( إن المنافقين يخادعون الله ) هذا كلام مبتدأ يتضمن بيان بعض قبائح المنافقين وفضائحهم ، وقد تقدم معنى الخدع في البقرة ، ومخادعتهم لله هي أنهم يفعلون فعل المخادع من إظهار الإيمان وإبطان الكفر ، ومعنى كون الله خادعهم : أنه صنع بهم صنع من يخادع من خادعه ، وذلك أنه تركهم على ما هم عليه من التظهر بالإسلام في الدنيا ، فعصم به أموالهم ودماءهم ، وأخر عقوبتهم إلى الدار الآخرة ، فجازاهم على خداعهم بالدرك الأسفل من النار . قال في الكشاف : والخادع اسم فاعل من خادعته فخدعته إذا غلبته وكنت أخدع منه . والكسالى بضم الكاف جمع كسلان ، وقرئ بفتحها ، والمراد أنهم يصلون وهم متكاسلون متثاقلون لا يرجون ثوابا ولا يخافون عقابا . والرياء إظهار الجميل ليراه الناس ، لا لاتباع أمر الله ، وقد تقدم بيانه ، والمراءاة المفاعلة . قوله ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) معطوف على يراءون : أي لا يذكرونه سبحانه إلا ذكرا قليلا أولا يصلون إلا صلاة قليلة ، ووصف الذكر بالقلة لعدم الإخلاص ، أو لكونه غير مقبول أو لكونه قليلا في نفسه ، لأن الذي يفعل الطاعة لقصد الرياء ، إنما يفعلها في المجامع ولا يفعلها خاليا كالمخلص . قوله ( مذبذبين بين ذلك ) المذبذب المتردد بين أمرين ، والذبذبة الاضطراب ، يقال ذبذبه فتذبذب ، ومنه قول النابغة :
ألم تر أن الله أعطاك سورة * ترى كل ملك دونها يتذبذب قال ابن جني : المذبذب القلق الذي لا يثبت على حال ، فهؤلاء المنافقون مترددون بين المؤمنين والمشركين لا مخلصين الإيمان ولا مصرحين بالكفر . قال في الكشاف : وحقيقة المذبذب الذي يذب عن كلا الجانبين : أي يذاد ويدفع فلا يقر في جانب واحد ، كما يقال : فلان يرمي به الرجوان ، إلا أن الذبذبة فيها تكرير ليس في الذب ، كأن المعنى : كلما مال إلى جانب ذب عنه انتهى . وقرأ الجمهور بضم الميم وفتح الذالين . وقرأ ابن عباس بكسر الذال الثانية ، وفي حرف أبي " متذبذبين " وقرأ الحسن بفتح الميم والذالين ، وانتصاب مذبذبين إما على الحال أو على الذم ، والإشارة بقوله بين ذلك إلى الإيمان والكفر . قوله ( لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ) أي لا منسوبين إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين ، ومحل الجملة : النصب على الحال ، أو على البدل من مذبذبين أو على التفسير له ( ومن يضلل الله ) أي يخذله ويسلبه التوفيق ( فلن تجد له سبيلا ) أي طريقا يوصله إلى الحق . قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ) أي لا تجعلونهم خاصة لكم وبطانة توالونهم من دون إخوانكم من المؤمنين كما فعل المنافقون من موالاتهم للكافرين ( أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ) الاستفهام للتقريع والتوبيخ : أي أتريدون أن تجعلوا لله عليكم حجة بينة يعذبكم بها بسبب ارتكابكم لما نهاكم عنه من موالاة الكافرين ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) قرأ الكوفيون الدرك بسكون الراء ، وقرأ غيرهم بتحريكها . قال أبو علي :
هما لغتان والجمع أدراك ، وقيل جمع المحرك أدراك مثل جمل وأجمال ، وجمع الساكن أدرك مثل فلس وأفلس . قال النحاس : والتحريك أفصح . والدرك : الطبقة . والنار دركات سبع ، فالمنافق في الدرك الأسفل منها ، وهي الهاوية ، لغلظ كفره وكثرة غوائله ، وأعلى الدركات جهنم ، ثم الحطمة ، ثم السعير ، ثم سقر ، ثم الجحيم ، ثم الهاوية . وقد تسمى جميعها باسم الطبقة العليا ، أعاذنا الله من عذابها ( ولن تجد لهم حتى نصيرا ) يخلصهم من ذلك الدرك

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 529
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست