وفرقة تقول لا ، فأنزل الله ( فما لكم في المنافقين فئتين ) الآية كلها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة . هذا أصح ما روى في سبب نزول الآية ، وقد رويت أسباب غير ذلك . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ( والله أركسهم ) يقول : أوقعهم . وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنه قال : ردهم . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق ) قال : نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن مالك المدلجي ، وفي بني خزيمة بن عامر ابن عبد مناف . وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه عنه في قوله ( إلا الذين يصلون ) الآية ، قال : نسختها براءة - انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي ( حصرت صدورهم ) يقول : ضاقت صدورهم . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع ( وألقوا إليكم السلم ) قال : الصلح . وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ( فإن اعتزلوكم ) الآية ، قال : نسختها - فقاتلوا المشركين حيث وجدتموهم - وأخرج ابن جرير عن الحسن وعكرمة في هذه الآية قال : نسختها براءة . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ( ستجدون آخرين ) الآية ، قال : ناس من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيسلمون رياء ، ثم يرجعون إلى قومهم فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ها هنا وهاهنا . فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنهم ناس كانوا بتهامة . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أنها نزلت في نعيم ابن مسعود .
قوله ( وما كان لمؤمن ) هذا النفي هو بمعنى النهي المقتضي للتحريم كقوله - وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله - ولو كان هذا النفي على معناه لكان خبرا وهو يستلزم صدقه ، فلا يوجد مؤمن قتل مؤمنا قط ، وقيل المعنى ما كان له ذلك في عهد الله ، وقيل ما كان له ذلك فيما سلف كما ليس له الآن ذلك بوجه ، ثم استثنى منه استثناء منقطعا فقال : إلا خطأ ، أي ما كان له أن يقتله البتة ، لكن إن قتله خطأ فعليه كذا ، هذا قول سيبويه والزجاج ، وقيل هو استثناء متصل ، والمعنى : وما ثبت ولا وجد ولا ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ إذ هو مغلوب حينئذ ، وقيل المعنى : ولا خطأ . قال النحاس : ولا يعرف ذلك في كلام العرب ، ولا يصح في المعنى لأن الخطأ لا يحظر ، وقيل إن المعنى : ما ينبغي أن يقتله لعلة من العلل إلا للخطأ وحده ، فيكون قوله خطأ منتصبا بأنه مفعول له ،