وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه من طريق العوفي قال : المستضعفون أناس مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها . وأخرج البخاري عنه قال " أنا وأمي من المستضعفين " . وأخرج ابن جرير عنه قال : القرية الظالم أهلها مكة . وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة مثله . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) . قال مجاهد : كان الشيطان يتراءى لي في الصلاة فكنت أذكر قول ابن عباس فأحمل عليه فيذهب عني .
قوله ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم ) الآية ، قيل هم جماعة من الصحابة أمروا بترك القتال في مكة بعد أن تسرعوا إليه . فلما كتب عليهم بالمدينة تثبطوا عن القتال من غير شك في الدين بل خوفا من الموت وفرقا من هول القتل ، وقيل إنها نزلت في اليهود ، وقيل في المنافقين أسلموا قبل فرض القتال ، فلما فرض كرهوه ، وهذا أشبه بالسياق لقوله ( وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ) وقوله ( وإن تصبهم حسنه ) الآية ويبعد صدور مثل هذا من الصحابة . قوله ( كخشية الله ) صفة مصدر محذوف : أي خشية كخشية الله ، أو حال :
أي تخشونهم مشبهين أهل خشية الله ، والمصدر مضاف إلى المفعول : أي كخشيتهم الله . وقوله ( أو أشد خشية ) معطوف على كخشية الله في محل جر ، أو معطوف على الجار والمجرور جميعا فيكون في محل الحال كالمعطوف عليه وأو للتنويع على معنى أن خشية بعضهم كخشية الله وخشية بعضهم أشد منها . قوله ( وقالوا ) عطف على ما يدل عليه قوله ( إذا فريق منهم ) أي فلما كتب عليهم القتال فاجأ فريق منهم خشية الناس ( وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا ) : أي هلا أخرتنا ، يريدون المهلة إلى وقت آخر قريب من الوقت الذي فرض عليهم فيه القتال .
فأمره الله سبحانه بأن يجيب عليهم فقال ( قل متاع الدنيا قليل ) سريع الفناء لا يدوم لصاحبه . وثواب الآخرة خير لكم من المتاع القليل ( لمن اتقى ) منكم ورغب في الثواب الدائم ( ولا تظلمون فتيلا ) أي شيئا حقيرا يسيرا . وقد تقدم تفسير الفتيل قريبا ، وإذا كنتم توفرون أجوركم ولا تنقصون شيئا منها ، فكيف ترغبون عن ذلك وتشتغلون بمتاع