responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 47


الإسلام ، كمثل المستوقد الذي أضاءت ناره ثم طفئت ، فإنه يعود إلى الظلمة ولا تنفعه تلك الإضاءة اليسيرة ، فكان بقاء المستوقد في ظلمات لا يبصر كبقاء المنافق في حيرته وتردده . وإنما وصفت هذه النار بالإضاءة مع كونها نار باطل لأن الباطل كذلك تسطع ذوائب لهب ناره لحظة ثم تخفت . ومنه قولهم " للباطل صولة ثم يضمحل " وقد تقرر عند علماء البلاغة أن لضرب الأمثال شأنا عظيما في إبراز خفيات المعاني ورفع أستار محجبات الدقائق ولهذا استكثر الله من ذلك في كتابه العزيز ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكثر من ذلك في مخاطباته ومواعظه . قال ابن جرير : إن هؤلاء المضروب لهم المثل ها هنا لم يؤمنوا في وقت من الأوقات ، واحتج بقوله تعالى - ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين - . وقال ابن كثير : إن الصواب أن هذا إخبار عنهم في حال نفاقهم وكفرهم ، وهذا لا ينفى أنه كان حصل لهم إيمان قبل ذلك ، ثم سلبوه وطبع على قلوبهم كما يفيده قوله تعالى - بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون - . قال ابن جرير : وصح ضرب مثل الجماعة بالواحد كما قال - رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت - أي كدوران عيني الذي يغشى عليه من الموت ، وقال تعالى - مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار - اه‌ .
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفئ ، فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه ( وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) يقول : في عذاب ( صم بكم عمي ) فهم لا يسمعون الهدى ولا يبصرونه ولا يعقلونه . وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) قالوا : إن ناسا دخلوا في الإسلام عند مقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة ثم نافقوا ، فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة فأوقد نارا فأضاءت ما حوله من قذى وأذى فأبصره حتى عرف ما يتقي ، فبينما هو كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى . فكذلك المنافق كان في ظلمة الشرك فأسلم فعرف الحلال من الحرام والخير من الشر ، فبينما هو كذلك إذ كفر فصار لا يعرف الحلال من الحرام ولا الخير من الشر ، فهم صم بكم هم الخرس ، فهم لا يرجعون إلى الإسلام . وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ( كمثل الذي استوقد نارا ) قال : ضربه الله مثلا للمنافق ، وقوله ( ذهب الله بنورهم ) قال : أما النور فهو إيمانهم الذي يتكلمون به ، وأما الظلمة فهو ضلالهم . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس مثله . وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير عن مجاهد نحوه . وأخرجا أيضا عن قتادة نحوه . وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة والحسن والسدي والربيع بن أنس نحو ما تقدم .
عطف هذا المثل على المثل الأول بحرف الشك لقصد التخيير بين المثلين : أي مثلوهم بهذا أو هذا ، وهي وإن

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 47
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست