responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 367


الباطلة . وقوله ( وأنتم شهداء ) جملة حالية : أي كيف تطلبون ذلك بملة الإسلام والحال أنكم تشهدون أنها دين الله الذي لا يقبل غيره كما عرفتم ذلك من كتبكم المنزلة على أنبيائكم : قيل إن في التوراة أن دين الله الذي لا يقبل غيره الإسلام ، وأن فيه نعت محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وقيل المراد ( وأنتم شهداء ) أي عقلاء ، وقيل المعنى وأنتم شهداء بين أهل دينكم مقبولون عندهم ، فكيف تأتون بالباطل الذي يخالف ما أنتم عليه بين أهل دينكم ؟ ثم توعدهم سبحانه بقوله ( وما الله بغافل عما تعملون ) ثم خاطب سبحانه المؤمنين محذرا لهم عن طاعة اليهود والنصارى مبينا لهم أن تلك الطاعة تفضي إلى أن يردونهم بعد إيمانهم كافرين ، وسيأتي بيان سبب نزول الآية ، والاستفهام في قوله ( وكيف تكفرون ) للإنكار : أي من أين يأتيكم ذلك ولديكم ما يمنع منه ويقطع أثره ، وهو تلاوة آيات الله عليكم وكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهركم ؟ ومحل قوله ( وأنتم ) وما بعده النصب على الحال ، ثم أرشدهم إلى الاعتصام بالله ليحصل لهم بذلك الهداية إلى الصراط المستقيم الذي هو الإسلام ، وفي وصف الصراط الاستقامة رد على ما ادعوه من العوج . قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاصة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان فيهم وهم يشاهدونه ، ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة ، لأن آثاره وعلامته والقرآن الذي أوتيه فينا ، فكأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فينا وإن لم نشاهده انتهى . ومعنى الاعتصام بالله التمسك بدينه وطاعته ، وقيل بالقرآن ، يقال اعتصم به واستعصم وتمسك واستمسك : إذا امتنع به من غيره ، وعصمه الطعام : منع الجوع منه . قوله ( اتقوا الله حق تقاته ) أي التقوى التي تحق له ، وهي أن لا يترك العبد شيئا مما يلزمه فعله ولا يفعل شيئا مما يلزمه تركه ويبذل في ذلك جهده ومستطاعه . قال القرطبي : ذكر المفسرون أنها لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله من يقوى على هذا ؟ وشق عليهم ذلك ، فأنزل الله - فاتقوا الله ما استطعتم - فنسخت هذه الآية . روى ذلك عن قتادة والربيع وابن زيد . قال مقاتل : وليس في آل عمران من المنسوخ شئ إلا هذا . وقيل إن قوله ( اتقوا الله حق تقاته ) مبين بقوله ( فاتقوا الله ما استطعتم ) والمعنى : اتقوا الله حق تقاته ما استطعتم . قال وهذا أصوب ، لأن النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أولى . قوله ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي لا تكونن على حال سوى حال الإسلام فالاستثناء مفرغ ، ومحل الجملة : أعني قوله ( وأنتم مسلمون ) النصب على الحال ، وقد تقدم في البقرة تفسير مثل هذه الآية . قوله ( واعتصموا بحبل الله جميعا ) الحبل لفظ مشترك ، وأصله في اللغة السبب الذي يتوصل به إلى البغية ، وهو إما تمثيل أو استعارة . أمرهم سبحانه بأن يجتمعوا على التمسك بدين الإسلام أو بالقرآن ، ونهاهم عن التفرق الناشئ عن الاختلاف في الدين ، ثم أمرهم بأن يذكروا نعمة الله عليهم وبين لهم من هذه النعمة ما يناسب المقام ، وهو أنهم كانوا أعداء مختلفين يقتل بعضهم بعضا وينهب بعضهم بعضا ، فأصبحوا بسبب هذه النعمة إخوانا وكانوا على شفا حفرة من النار بما كانوا عليه من الكفر فأنقذهم الله من هذه الحفرة بالإسلام . ومعنى قوله ( أصبحتم ) صرتم ، وليس المراد به معناه الأصلي : وهو الدخول في وقت الصباح ، وشفا كل شئ حرفه وكذلك شفيره ، وأشفى على الشئ : أشرف عليه ، وهو تمثيل للحالة التي كانوا عليها في الجاهلية . وقوله ( كذلك ) إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده : أي مثل ذلك البيان البليغ يبين الله لكم . وقوله ( لعلكم تهتدون ) إرشاد لهم إلى الثبات على الهدى والازدياد منه .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال : مر شاس بن قيس ، وكان شيخا قد عسى في الجاهلية ، عظيم الكفر ، شديد الطعن على المسلمين ، شديد الحسد لهم على نفر من

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست