وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، وذكر نحو ما تقدم عنه . وأخرج البزار عن ابن عباس : أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا ، فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت هذه الآية ( إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا ) قال السيوطي : هذا خطأ من البزار . وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هم اليهود كفروا بالإنجيل وعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : إنما نزلت في اليهود والنصارى كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ، ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم ، ولو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ، ولكنهم على الضلالة . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ( ثم ازدادوا كفرا ) قال : نموا على كفرهم . وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ( ثم ازدادوا كفرا ) قال : ماتوا وهم كفار ( لن تقبل توبتهم ) قال : إذا تاب عند موته لم تقبل توبته . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ( لن تقبل توبتهم ) قال : تابوا من الذنوب ولم يتوبوا من الأصل . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ( وماتوا وهم كفار ) قال : هو كل كافر . وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به فيقول نعم ، فيقال له لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك ، فذلك قوله تعالى ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار الآية ) .
هذا كلام مستأنف خطاب للمؤمنين عقب ذكر ما لا ينفع الكفار . قوله ( لن تنالوا البر ) يقال : نالني من فلان معروف ينالني : أي وصل إلي ، والنوال : العطاء من قولك نولته تنويلا أعطيته . والبر : العمل الصالح وقال ابن مسعود وابن عباس وعطاء ومجاهد وعمرو بن ميمون والسدي : هو الجنة ، فمعنى الآية : لن تنالوا العمل الصالح أو الجنة : أي تصلوا إلى ذلك وتبلغوا إليه حتى تنفقوا مما تحبون : أي حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها ، و ( من ) تبعيضية ، ويؤيده قراءة ابن مسعود " حتى تنفقوا بعض ما تحبون " وقيل بيانية ( وما ) موصولة أو موصوفة ، والمراد النفقة في سبيل الخير من صدقة أو غيرها من الطاعات ، وقيل المراد الزكاة المفروضة .
وقوله ( من شئ ) بيان لقوله ( ما تنفقوا ) أي ما تنفقوا من أي شئ سواء كان طيبا أو خبيثا ( فإن الله به عليم ) وما شرطية جازمة . وقوله ( فإن الله به عليم ) تعليل لجواب الشرط واقع موقعه .
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس " أن أبا طلحة لما نزلت هذه الآية أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله إن أحب أموالي إلي بيرحاء ، وإنها صدقة " الحديث . وقد روى بألفاظ . وأخرج عبد بن حميد والبزار عن ابن عمر قال : حضرتني هذه الآية ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من مرجانة جارية لي رومية فقلت : هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شئ جعلته لله لنكحتها فأنكحتها نافعا . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء ، فدعا بها عمر فقال : إن الله يقول ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) فأعتقها عمر وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم : إنها لما نزلت الآية جاء زيد بن حارثة بفرس