عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله ( قل إن كنتم تحبون الله ) أي إن كان هذا من قولكم في عيسى حبا لله وتعظيما له ( فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) أي ما مضى من كفركم ( والله غفور رحيم ) . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء في قوله ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) قال : على البر والتقوى والتواضع وذلة النفس .
وأخرجه أيضا الحكيم الترمذي وأبو نعيم والديلمي وابن عساكر عنه . أخرج ابن عساكر مثله عن عائشة . وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الشرك أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء ، وأدناه أن يحب على شئ من الجور ويبغض على شئ من العدل ، وهل الدين إلا الحب والبغض في الله " قال الله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله ) الآية . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ( وآل إبراهيم وآل عمران ) قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ( ذرية بعضها من بعض ) قال في النية والعمل والإخلاص والتوحيد .
قوله ( إذا قالت ) قال أبو عمرو : " إذ " زائدة . وقال محمد بن يزيد : إنه متعلق بمحذوف تقديره أذكر إذ قالت . وقال الزجاج : هو متعلق بقوله ( اصطفى ) وقيل متعلق بقوله ( سميع عليم ) وامرأة عمران اسمها حنة بالحاء المهملة والنون ، بنت فاقود بن قبيل أم مريم ، فهي جدة عيسى . وعمران هو ابن ماثان جد عيسى . قوله ( رب إني نذرت لك ما في بطني ) تقديم الجار والمجرور لكمال العناية ، وهذا النذر كان جائزا في شريعتهم . ومعنى ( لك ) أي لعبادتك . ومحررا منصوب على الحال : أي عتيقا خالصا لله خادما للكنيسة . والمراد هنا الحرية التي هي ضد العبودية . وقيل المراد بالمحرر هنا الخالص لله سبحانه الذي لا يشوبه شئ من أمر الدنيا . ورجح هذا بأنه لا خلاف أن عمران وامرأته حران . قوله ( فتقبل مني ) التقبل أخذ الشئ على وجه الرضا : أي تقبل مني نذري بما في بطني .
قوله ( فلما وضعتها ) التأنيث باعتبار ما علم من المقام أن الذي في بطنها أنثى ، أو لكونه أنثى في علم الله ، أو بتأويل ما في بطنها بالنفس أو النسمة أو نحو ذلك . قوله ( قالت رب إني وضعتها أنثى ) إنما قالت هذه المقالة لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكر دون الأنثى ، فكأنها تحسرت وتحزنت لما فاتها من ذلك الذي كانت ترجوه وتقدره ، وأنثى حال مؤكدة من الضمير أو بدل منه . قوله ( والله أعلم بما وضعت ) قرأ أبو بكر وابن عامر بضم التاء فيكون من جملة كلامها ويكون متصلا بما قبله ، وفيه معنى التسليم لله والخضوع والتنزيه له أن يخفى عليه شئ . وقرأ الجمهور