responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 300


بذلك ، وذكر الدين بعد ذكر ما يغني عنه من المداينة لقصد التأكيد مثل قوله - ولا طائر يطير بجناحيه - وقيل إنه ذكر ليرجع إليه الضمير من قوله ( فاكتبوه ) ولو قال : فاكتبوا الدين لم يكن فيه من الحسن ما في قوله ( إذا تداينتم بدين ) ، والدين عبارة عن كل معاملة كان أحد العوضين فيها نقدا ، والآخر في الذمة نسيئة ، فإن العين عند العرب ما كان حاضرا ، والدين ما كان غائبا ، قال الشاعر :
وعدتنا بدرهمينا طلاء * وسواء معجلا غير دين وقال الآخر : إذا ما أو قدوا نارا وحطبا * فذاك الموت نقدا غير دين وقد بين الله سبحانه هذا المعنى بقوله ( إلى أجل مسمى ) وقد استدل به على أن الأجل المجهول لا يجوز وخصوصا أجل السلم . وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم " من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم " وقد قال بذلك الجمهور ، واشترطوا توقيته بالأيام أو الأشهر أو السنين ، قالوا : ولا يجوز إلى الحصاد أو الدياس أو رجوع القافلة أو نحو ذلك وجوزه مالك . قوله ( فاكتبوه ) أي الدين بأجله لأنه أدفع للنزاع وأقطع للخلاف . قوله ( وليكتب بينكم كاتب ) هو بيان لكيفية الكتابة المأمور بها ، وظاهر الأمر الوجوب ، وبه قال عطاء والشعبي وغيرهما ، فأوجبوا على الكاتب أن يكتب إذا طلب منه ذلك ، ولم يوجد كاتب سواه ، وقيل الأمر للندب . وقوله ( بالعدل ) متعلق بمحذوف صفة لكاتب أي كاتب كائن بالعدل : أي يكتب بالسوية لا يزيد ولا ينقص ولا يميل إلى أحد الجانبين ، وهو أمر للمتداينين باختيار كاتب متصف بهذه الصفة لا يكون في قلبه ولا قلمه هوادة لأحدهما على الآخر ، بل يتحرى الحق بينهم والمعدلة فيهم . قوله ( ولا يأب كاتب ) النكرة في سياق النفي مشعرة بالعموم : أي لا يمتنع أحد من الكتاب أن يكتب كتاب التداين كما علمه الله :
أي على الطريقة التي علمه الله من الكتابة ، أو كما علمه الله بقوله ( بالعدل ) قوله ( وليمل الذي عليه الحق ) الإملال والإملاء لغتان : الأولى لغة أهل الحجاز وبني أسد والثانية لغة بني تميم ، فهذه الآية جاءت على اللغة الأولى ، وجاء على اللغة الثانية قوله تعالى - فهي تملى عليه بكرة وأصيلا - ( والذي عليه الحق ) هو من عليه الدين ، أمره الله تعالى بالإملاء ، لأن الشهادة إنما تكون على إقراره بثبوت الدين في ذمته ، وأمره الله بالتقوى فيما يمليه على الكاتب ، بالغ في ذلك بالجمع بين الاسم والوصف في قوله ( وليتق الله ربه ) ونهاه عن البخس وهو النقص ، وقيل إنه نهى للكاتب . والأول أولى لأن من عليه الحق هو الذي يتوقع منه النقص ، ولو كان نهيا للكاتب لم يقتصر في نهيه على النقص ، لأنه يتوقع منه الزيادة كما يتوقع منه النقص . والسفيه هو الذي لا رأى له في حسن التصرف فلا يحسن الأخذ ولا الإعطاء ، شبه بالثوب السفيه وهو الخفيف النسج ، والعرب تطلق السفه على ضعف العقل تارة ، وعلى ضعف البدن أخرى ، فمن الأول قول الشاعر :
نخاف أن تسفه أحلامنا * ونجهل الدهر مع الجاهل ومن الثاني قول ذي الرمة :
مشين كما اهتزت رماح تسفهت * أعاليها مر الرياح النواسم أي استضعفها واستلانها بحركتها ، وبالجملة فالسفيه هو المبذر إما لجهله بالصرف أو لتلاعبه بالمال عبثا مع كونه لا يجهل الصواب . والضعيف : هو الشيخ الكبير ، أو الصبي . قال أهل اللغة : الضعف بضم الضاد في البدن ، وبفتحها في الرأي . والذي لا يستطيع أن يمل هو الأخرس أو العيي الذي لا يقدر على التعبير كما ينبغي ، وقيل إن الضعيف هو المذهول العقل الناقص الفطنة العاجز عن الإملاء ، والذي لا يستطيع أن يمل هو الصغير . قوله

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست