بالعطش ، فلما انتهى إلى النهر وهو نهر الأردن كرع فيه عامة الناس فشربوا منه ، فلم يزد من شرب منه إلا عطشا ، وأجزأ من اغترف غرفة بيده وانقطع الظمأ عنه . وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ( فشربوا منه إلا قليلا منهم ) قال : القليل ثلاثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر . وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن البراء قال : كنا أصحاب محمد نتحدث أن أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ، ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة . وقد أخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه يوم بدر " أنتم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت " . وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : كانوا ثلاثمائة ألف وثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة عشر ، فشربوا منه كلهم إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر ، فردهم طالوت ومضى ثلاثمائة وثلاثة عشر . وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ( الذين يظنون ) قال : الذين يستيقنون . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان طالوت أميرا على الجيش ، فبعث أبو داود مع داود بشئ إلى إخوته ، فقال داود لطالوت : ماذا لي ، وأقبل جالوت فقال : لك ثلث ملكي وأنكحك ابنتي ، فأخذ مخلاة فجعل فيها ثلاث مروات ، ثم سمى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، ثم أدخل يده فقال : بسم الله إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، فخرج على إبراهيم فجعله في مرحمته ، فرمى بها جالوت فخرق ثلاثة وثلاثين بيضة عن رأسه وقتلت ما وراءه ثلاثين ألفا . وقد ذكر المفسرون أقاصيص كثيرة من هذا الجنس والله أعلم . وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض ) قال : يدفع الله بمن يصلي عمن لا يصلي ، وبمن يحج عمن لا يحج ، وبمن يزكي عمن لا يزكي . وأخرج ابن عدي وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء " ثم قرأ ابن عمر ( ولولا دفع الله الناس ) الآية وفي إسناده يحيى بن سعيد العطار الحمصي وهو ضعيف جدا .
قوله ( تلك الرسل ) قيل هو إشارة إلى جميع الرسل فتكون الألف واللام للاستغراق - وقيل هو إشارة إلى الأنبياء المذكورين في هذه السورة ، وقيل إلى الأنبياء الذين بلغ علمهم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . والمراد بتفضيل بعضهم على بعض أن الله سبحانه جعل لبعضهم من مزايا الكمال فوق ما جعله للآخر ، فكان الأكثر مزايا فاضلا والآخر مفضولا . وكما دلت هذه الآية على أن بعض الأنبياء أفضل من بعض كذلك دلت الآية الأخرى وهي قوله تعالى - ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا - . وقد استشكل جماعة من أهل العلم الجمع بين هذه الآية وبين ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ " لا تفضلوني على الأنبياء "