responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 193


الله المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم ، ولا يعدوا بعضهم على بعض كأهل الجاهلية ، فقال - ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا - الآية ، يقول : ينصره السلطان حتى ينصفه على من ظلمه ، ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله تعالى انتهى . وأقول : هذه الآية التي جعلها ابن عباس رضي الله عنه ناسخة مؤيدة لما تدل عليه الآيات التي جعلها منسوخة ومؤكدة له ، فإن الظاهر من قوله - فقد جعلنا لوليه سلطانا - أنه جعل السلطان له : أي جعل له تسلطا يتسلط به على القاتل ، ولهذا قال - فلا يسرف في القتل - ثم لو سلمنا أن معنى الآية كما قاله لكان ذلك مخصصا للقتل من عموم الآيات المذكورة لا ناسخا لها ، فإنه لم ينص في هذه الآية إلا على القتل وحده ، وتلك الآيات شاملة له ولغيره ، وهذا معلوم من لغة العرب التي هي المرجع في تفسير كلام الله سبحانه .
في هذه الآية الأمر بالإنفاق في سبيل الله ، وهو الجهاد ، واللفظ يتناول غيره مما يصدق عليه أنه من سبيل الله والباء في قوله ( بأيديكم ) زائدة ، والتقدير : ولا تلقوا أيديكم ، ومثله - ألم يعلم بأن الله يرى - وقال المبرد ( بأيديكم ) أي بأنفسكم تعبيرا بالبعض عن الكل ، كقوله - بما كسبت أيديكم - وقيل هذا مثل مضروب ، يقال فلان ألقى بيده في أمر كذا : إذا استسلم ، لأن المستسلم في القتال يلقى سلاحه بيديه ، فكذلك فعل كل عاجز في أي فعل كان وقال قوم : التقدير ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم . والتهلكة : مصدر من هلك يهلك هلاكا وهلكا وتهلكة : أي لا تأخذوا فيما يهلككم . وللسلف في معنى الآية أقوال سيأتي بيانها ، وبيان سبب نزول الآية . والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فكل ما صدق عليه أنه تهلكة في الدين أو الدنيا فهو داخل في هذا ، وبه قال ابن جرير الطبري . ومن جملة ما يدخل تحت الآية أن يقتحم الرجل في الحرب فيحمل على الجيش مع عدم قدرته على التخلص وعدم تأثيره لأثر ينفع المجاهدين ، ولا يمنع من دخول هذا تحت الآية إنكار من أنكره من الذين رأوا السبب ، فإنهم ظنوا أن الآية لا تجاوز سببها ، وهو ظن تدفعه لغة العرب . وقوله ( وأحسنوا ) أي في الإنفاق في الطاعة ، أو أحسنوا الظن بالله في إخلافه عليكم .
وقد أخرج عبد بن حميد والبخاري والبيهقي في سننه عن حذيفة في قوله ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) قال : نزلت في النفقة . وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : هو ترك النفقة في سبيل الله مخافة العيلة . وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس نحوه . وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة نحوه أيضا . وأخرج ابن جرير عن الحسن نحوه . وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الشعب عنه قال : هو البخل . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال : كان رجال يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بغير نفقة ، فإما يقطع لهم ، وإما كانوا عيالا ، فأمرهم الله أن يستنفقوا مما رزقهم الله ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة . والتهلكة : أن تهلك رجال من

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 193
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست