responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 175


القصاص مأخوذ من القص وهو القطع ، يقال قصصت ما بينهما : أي قطعته . وقد استدل بهذه الآية القائلون بأن الحر لا يقتل بالعبد وهم الجمهور . وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وداود إلى أنه يقتل به . قال القرطبي : وروى ذلك عن علي وابن مسعود . وبه قال سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وقتادة والحكم بن عتيبة ، واستدلوا بقوله تعالى - وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس - وأجاب الأولون عن هذا الاستدلال بأن قوله تعالى ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) مفسر لقوله تعالى - النفس بالنفس - وقالوا أيضا : إن قوله - وكتبنا عليهم فيها - يفيد أن ذلك حكاية عما شرعه الله لبني إسرائيل في التوراة . ومن جملة ما استدل به الآخرون قوله صلى الله عليه وآله وسلم " المسلمون تتكافأ دماؤهم " ويجاب عنه بأنه مجمل والآية مبينة ، ولكنه يقال إن قوله تعالى ( الحر بالحر والعبد بالعبد ) إنما أفاد بمنطوقه أن الحر يقتل بالحر ، والعبد يقتل بالعبد ، وليس فيه ما يدل على أن الحر لا يقتل بالعبد إلا باعتبار المفهوم ، فمن أخذ بمثل هذا المفهوم لزمه القول به هنا ، ومن لم يأخذ بمثل هذا المفهوم لم يلزمه القول به هنا ، والبحث في هذا محرر في علم الأصول . وقد استدل بهذه الآية القائلون بأن المسلم يقتل بالكافر وهم الكوفيون والثوري ، لأن الحر يتناول الكافر كما يتناول المسلم ، وكذا العبد والأنثى يتناولان الكافر كما يتناولان المسلم ، واستدلوا أيضا بقوله تعالى - إن النفس بالنفس - لأن النفس تصدق على النفس الكافرة كما تصدق على النفس المسلمة . وذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل المسلم بالكافر ، واستدلوا بما ورد من السنة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لا يقتل مسلم بكافر ، وهو مبين لما يراد في الآيتين ، والبحث في هذا يطول . واستدل بهذه الآية القائلون بأن الذكر لا يقتل بالأنثى ، وقرروا الدلالة على ذلك بمثل ما سبق إلا إذا سلم أولياء المرأة الزيادة على ديتها من دية الرجل . وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري وأبو ثور . وذهب الجمهور إلى أنه يقتل الرجل بالمرأة ولا زيادة ، وهو الحق . وقد بسطنا البحث في شرح المنتقى فليرجع إليه . قوله ( فمن عفي له من أخيه شئ ) " من " هنا عبارة عن القاتل . والمراد بالأخ المقتول أو الولي والشيء عبارة عن الدم ، والمعنى : أن القاتل أو الجاني إذا عفي له من جهة المجني عليه أو الولي دم أصابه منه على أن يأخذ منه شيئا من الدية أو الأرش ، فليتبع المجني عليه الولي من عليه الدم فيما يأخذه منه من ذلك اتباعا بالمعروف ، وليؤد الجاني ما لزمه من الدية أو الأرش إلى المجني عليه ، أو إلى الولي أداء بإحسان ، وقيل إن " من " عبارة عن الولي والأخ يراد به القاتل ، والشيء : الدية ، والمعنى أن الولي إذا جنح إلى العفو عن القصاص إلى مقابل الدية ، فإن القاتل مخير بين أن يعطيها أو يسلم نفسه للقصاص كما روى عن مالك أنه يثبت الخيار للقاتل في ذلك ، وذهب من عداه إلى أنه لا يخير ، بل إذا رضى الأولياء بالدية فلا خيار للقاتل بل يلزمه تسليمها ، وقيل معنى " عفي " بذل : أي من بذل له شئ من الدية ، فليقبل وليتبع بالمعروف ، وقيل إن المراد بذلك أن من فضل له من الطائفتين على الأخرى شئ من الديات ، فيكون عفي بمعنى فضل ، وعلى جميع التقادير فتنكير شئ للتقليل ، فيتناول العفو عن الشئ اليسير من الدية ، والعفو الصادر عن فرد من أفراد الورثة . وقوله ( فاتباع ) مرتفع بفعل محذوف ، أي فليكن منه اتباع ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف : أي فالأمر اتباع ، وكذا قوله ( وأداء إليه بإحسان ) . وقوله ( ذلك تخفيف ) إشارة إلى العفو والدية : أي أن الله شرع لهذه الأمة العفو من غير عوض أو بعوض ، ولم يضيق عليهم كما ضيق على اليهود ، فإنه أوجب عليهم القصاص ، ولا عفو ، وكما ضيق على النصارى فإنه أوجب عليهم العفو ولا دية . قوله ( فمن اعتدى بعد ذلك ) أي بعد التخفيف ، نحو أن يأخذ الدية ثم يقتل القاتل ، أو يعفو ثم يستقص . وقد اختلف أهل العلم فيمن قتل القاتل بعد

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست