responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 148


مؤكدا . وقد ذكر المفسرون أن أصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء ، وهو الذي يسمونه المعمودية ويجعلون ذلك تطهيرا لهم ، فإذا فعلوا ذلك قالوا الآن صار نصرانيا حقا ، فرد الله عليهم بقوله ( صبغة الله ) أي الإسلام ، وسماه صبغة استعارة ، ومنه قول بعض شعراء همدان :
وكل أناس لهم صبغة * وصبغة همدان خير الصبغ صبغنا على ذاك أولادنا * فأكرم بصبغتنا في الصبغ وقيل إن الصبغة الاغتسال لمن أراد الدخول في الإسلام بدلا من معمودية النصارى ، ذكره الماوردي . وقال الجوهري : صبغة الله دينه وهو يؤيد ما تقدم عن الفراء ، وقيل الصبغة الختان . وقوله ( قل أتحاجوننا في الله ) أي أتجادلوننا في الله : أي في دينه والقرب منه والحظوة عنده ، وذلك كقولهم - نحن أبناء الله وأحباؤه - وقرأ ابن محيصن " أتحاجونا " بالإدغام لاجتماع المثلين . وقوله ( وهو ربنا وربكم ) أي نشترك نحن وأنتم في ربوبيته لنا وعبوديتنا له ، فكيف تدعون أنكم أولى به منا وتحاجوننا في ذلك . وقوله ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) أي لنا أعمال ولكم أعمال فلستم بأولى بالله منا ، وهو مثل قوله تعالى - فقل لي عملي ولكم علمكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون - . وقوله ( ونحن له مخلصون ) أي نحن أهل الإخلاص للعبادة دونكم ، وهو المعيار الذي يكون به التفاضل والخصلة التي يكون صاحبها أولى بالله سبحانه من غيره ، فكيف تدعون لأنفسكم ما نحن أولى به منكم وأحق ؟ وفيه توبيخ لهم وقطع لما جاءوا به من المجادلة والمناظرة . وقوله ( أم يقولون ) قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص " تقولون " بالتاء الفوقية ، وعلى هذه القراء تكون أم ها هنا معادلة للهمزة في قوله ( أتحاجوننا ) أي أتحاجوننا في الله أم تقولون إن هؤلاء الأنبياء على دينكم ، وعلى قراءة الياء التحتية تكون أم منقطعة : أي بل يقولون . وقوله ( قل أنتم أعلم أم الله ) فيه تقريع وتوبيخ : أي أن الله أخبرنا بأنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى وأنتم تدعون أنهم كانوا هودا أو نصارى فهل أنتم أعلم أم الله سبحانه . وقوله ( ومن أظلم ) استفهام : أي لا أحد أظلم ( ممن كتم شهادة عنده من الله ) يحتمل أن يريد بذلك الذم لأهل الكتاب بأنهم يعلمون أن هؤلاء الأنبياء ما كانوا هودا ولا نصارى ، بل كانوا على الملة الإسلامية ، فظلموا أنفسهم بكتمهم لهذه الشهادة بل بادعائهم لما هو مخالف لها ، وهو أشد في الذنب ممن اقتصر على مجرد الكتم الذي لا أحد أظلم منه ، ويحتمل أن المراد أن المسلمين لو كتموا هذه الشهادة لم يكن أحد أظلم منهم ، ويكون المراد بذلك التعريض بأهل الكتاب ، وقيل المراد هنا ما كتموه من صفة محمد صلى الله عليه وآله وسلم . وفي قوله ( وما الله بغافل عما تعملون ) وعيد شديد ، وتهديد ليس عليه مزيد ، وإعلام بأن الله سبحانه لا يترك عقوبتهم على هذا الظلم القبيح والذنب الفظيع ، وكرر قوله سبحانه ( تلك أمة قد خلت ) إلى آخر الآية لتضمنها معنى التهديد والتخويف الذي هو المقصود في هذا المقام .
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ( أم كنتم شهداء ) يعني أهل الكتاب . وأخرج أيضا عن الحسن في قوله ( أم كنتم شهداء ) قال : يقول لم يشهد اليهود ولا النصارى ولا أحد من الناس يعقوب إذ أخذ على بنيه الميثاق إذ حضره الموت أن لا تعبدوا إلا الله ، فأقروا بذلك وشهد عليهم أن قد أقروا بعبادتهم أنهم مسلمون .
وأخرج عن ابن عباس أنه كان يقول : الجد أب ويتلو الآية . وأخرج أيضا عن أبي العالية في الآية قال : سمى العم أبا . وأخرج أيضا نحوه عن محمد بن كعب . وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن صوريا الأعور للنبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا

نام کتاب : فتح القدير نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست